للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كرس هذا المعهد بحكم اسمه للتجارب، واتخذ الشك الديكارتي منطلقاً له، فلا شيء يجب التسليم به بالإيمان، ولا بد من بحث كل مشكلة دون نظر إلى أي ملة أو فلسفة موجودة (١). ولم يعمر بعض هذه الأكاديميات طويلاً، ولكنها كانت تترك خلفاء لها بعد موتها. وأنشئت الأكاديميات في شفينفورت (١٦٥٢)، وألتدورف (١٦٧٢)، وأوبسالا (١٧١٠)، وفي ١٧٠٠، وبعد ثلاثين سنة قضاها ليبنتز في الإلحاح، خرجت أكاديمية برلين إلى النور، كذلك يرجع الفضل إلى ليبنتز في إنشاء أكاديمية سانت بطرسبورج (١٧٢٤).

وتطورت "أكاديمية العلوم" في فرنسا من اجتماعات (١٦٣١ - ٣٨) مرسين، وروبرفال، وديزارج، وغيرهم من العلماء في بيت والد بسكال في باريس، أو في صومعة مرسين. وقد صاغت برنامجاً "للعمل على تحسين علوم الآداب، والبحث عموماً عن كل ما يمكن أن يجلب المنفعة أو الراحة للنوع الإنساني"، كذلك قررت أن "تحرر العالم من كل الأخطاء الشائعة التي انطلى زيفها على الناس منذ زمن طويل" ولكنها نصحت أعضاءها بأن يجتنبوا الخوض في الدين أو السياسة (٢). وفي ١٦٦٦ ظفرت الأكاديمية بمرسوم ملكي، وبحجرة في المكتبة الملكية، وفي فرساي ترى إلى اليوم لوحة كبيرة بريشة تيستيلان يقدم فيها لويس الرابع عشر هذا المرسوم لجماعة يرأسها كرستيان هويجنز وكلود بيرو. وكان كل عضو من أعضائها الواحد والعشرين يتلقى من الحكومة راتباً سنوياً، فضلاً عن مبلغ يغطي النفقات، وقد أصبحت الأكاديمية من الناحية الفعلية مصلحة من مصالح الدولة. وكان لويس يخص الفلكيين بعطفه. فدعا كاسيني من إيطاليا، ورويمير من الدنمرك، وهويجنز من هولندا، وشاد مرصداً فخماً. وحين التهمت النيران المكتبة الثمينة التي يقتنيها هيفيليوس الدانزجي، والذي تفرد بدراساته للقمر، نفحه الملك بعطاء سخي ليعوض خسارته (٣). وقد نسب لابلاس الفضل للأكاديمية في معظم ما أحرزت فرنسا من تقدم علمي، ولكن اعتمادها على ملك وثيق التحالف مع الكنيسة كان ضاراً بتقدم العلم الفرنسي (٤)، بينما مضي الإنجليز في هذا الطريق قدماً.

ومن سمات إنجلترا أن أكاديمياتها العلمية كانت مؤسسات أهلية لا تدين للحكومة إلا بفضل عارض، يقول جون واليس أنه حوالي عام