١٦٤٥، تعرف في لندن إلى "نفر من فضلاء القوم، المحبين للاستطلاع في الفلسفة الطبيعية وغيرها من فروع العلم الإنساني، لا سيما … الفلسفة التجريبية (٥) ". واتفقوا على الاجتماع مرة كل أسبوع لمناقشة الرياضة، والفلك، والمغنطيسية، والملاحة، والفيزياء، والميكانيكا، والكيمياء، والدورة الدموية، وغير ذلك من الموضوعات. وقد استوحت هذه "الكلية غير المنظورة"-كما كانت تسمى آنئذ-"بيت سليمان" الواردة في كتاب بيكون "آطلانطيس الجديدة" فلما انتقل واليس إلى أكسفورد أستاذاً للرياضة، انقسمت الجمعية قسمين، يجتمع أحدهما في مسكن روبرت بويل بالجامعة، والآخر في كلية جريشام بلندن، وكان رون وايفلين من أول الأعضاء هناك. وقطع هذه الاجتماعات اللندنية ما وقع من اضطراب سياسي بين موت كرمويل وعودة الملكية، ولكن سرعان ما استؤنفت عقب تولي تشارلز الثاني العرش، وفي ١٥ يوليو ١٦٦٢ منح الملك "جمعية لندن الملكية لترقية المعرفة الطبيعية" براءة رسمية. وكان "الزملاء الأصليون" البالغ عددهم ثمانية وتسعين لا يشملون علماء من أمثال بويل وهوك فحسب، بل شعراء كدرايدن ووالر، ورن المعماري، وايفلين، وأربعة عشر نبيلاً، وعدة أساقفة. وفيما بين عامي ١٦٦٣ و١٦٨٦ ضم إليها نحو ثلاثمائة زميل إضافي. ولم يكن هناك فوارق طبقية تقسمهم، فكان الأدواق والعامة سواسية في هذا المشروع، وأعفى الأعضاء الفقراء من رسوم العضوية (٦). وفي ١٦٧٣ صرح ليبنتز، الذي سمح له بالعضوية، بأن الجمعية الملكية أعظم الهيئات الفكرية احتراماً في أوربا. وفي تاريخ باكر (١٦٦٧) نشر توماس سبرات كتابه الممتاز "تاريخ الجمعية الملكية" وقد تأثر هو أيضاً، بالأنسام البيكونية التي كانت تهب على إنجلترا، وذلك برغم ترقيته أسقفاً لروتشستر.
وشكا بعض اللاهوتيين من أن المعهد الجديد سيقوض الاحترام للجامعات والكنيسة الرسمية، ولكن اعتدال الجمعية وحذرها لم يلبثا أن هدءاً من معرضة رجال الكنيسة وروحت تجاربها الغريبة عن الحاشية والملك، الذي ضحك حين سمع أنها تزن الهواء وتفكر في الطيران الميكانيكي. وقد هجاها سويفت في قصة "رحلات جليفرز" وسماها أكاديمية لاجادو العظمى، وجعل أعضاءها يضعون الخطط لاستنباط