بعضهم للتوفيق بين سفر التكوين وكشف الجيولوجيا المتفرقة. وفي مقال "نحو تاريخ طبيعي للأرض"(١٦٩٥)، أعاد جون وودوارد، بعد دراسة طويلة لمجموعته الكبيرة من المتحفرات، تفسير ليوناردو دافتشي لها بأنها بقايا نباتات أو حيوانات عاشت يوماً ما على الأرض، ولكنه هو أيضاً ذهب إلى أن توزيع المتحفرات نتيجة لطوفان نوح. ثم اقترح قسيس أنجليكاني يدعى توماس بيرنيت (١٦٨٠) التوفيق بين سفر التكوين والجيولوجيا بمدة "أيام" أسطورة الخليقة كما وردت في سفر التكوين إلى حقب، وتقبل الناس هذه الحيلة، ولكن حين استجمع توماس أطراف شجاعته وراح يفسر قصة آدم على أنها رمز، وجد نفسه محروماً من الترقية للمناصب الكنسية.
وكان أثناسيوس كيرشر يسوعياً تقياً وعالماً فذاً، وسنراه يلمع في ميادين عديدة. وقد رسم كتابه، عالم ما تحت الأرض " (١٦٦٥) خرائط لتيارات المحيط، ورأى أن المجاري الباطنية يغذيها البحر، وعزا ثوران البراكين والعيون الساخنة لنيران باطنية، وبدا هذا تأكيداً للاعتقاد الشائع بأن الجحيم في مركز الأرض. أما بيير بيرو (١٦٧٤) فقد رفض الفكرة القائلة بأن العيون والأنهار لها منابع باطنية، وقال بالرأي المقبول الآن، وهو أنها نتاج الأمطار والثلوج. وعلل مارتن لستر ثوران البراكين بأنه نتيجة سخونة الكبريت في كبريتور الحديد والانفجار المترتب على السخونة، وأظهرت التجربة أن خليطاً من برادة الحديد، والكبريت، والماء، مدفوناً في الأرض، أصبح ساخناً وشقق الأرض من فوقه، ثم تنفجر لهيباً.
أما ألمع العلماء في جيولوجية ذلك العصر فقد عرفته الدنمرك باسم نيلز ستينسن، وعرفته دولية العلم باسم نيقولاوس ستينو. ولد في كوبنهاجن، ودرس الطب فيها وفي ليدن، حيث سلك سبينوزا في زمرة أصدقائه (٢٩). ثم هاجر إلى إيطاليا، واعتنق الكاثوليكية وأصبح طبيب البلاط لفرديناند الثاني في فلورنسة. وفي ١٦٦٩ نشر مجلداً صغيراً اسمه Desolido intra solidum naturaliter contento عده أحد الطلبة "أهم وثيقة جيولوجية في ذلك القرن (٣٠) " وكان هدفه تأكيد الرأي الجديد في المتحفرات، ولكن على سبيل التمهيد له