للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أما روبرت بويل فكان عاملاً هاماً في ازدهار العلم الإنجليزي في النصف الثاني من القرن السابع عشر. كان أبوه رتشرد بويل، ايرل كورك، قد أقتني ضيعة كبيرة في إيرلندة، ورث روبرت معظمها وهو في السابعة عشرة (١٦٤٤)، وفي زياراته المتكررة للندن تعرف إلى واليس، وهوك، ورن، وغيرهم من أعضاء "الكلية غير المنظورة"، فلما افتتن بجهودهم وتطلعاتهم انتقل إلى أكسفورد وبنى بها مختبراً (١٦٥٤). وكان رجلاً ذا حماسات حارة وورع لا قبل لعلم من العلوم بتدميره. فقد رفض أن يمضي في الاتصال بسبينوزا (عن طريق أولدنبورج) حين علم أن الفيلسوف يعبد "الجوهر" باعتباره الله، ولكنه وضع قدراً كبيراً من ثروته في خدمة العلم وأعان الكثيرين من أصحابه. كان طويلاً، نحيلاً، هزيلاً معتلاً أكثر الوقت، ولكنه أوقف الموت على مبعدة منه بالحمية والتقشف الصارمين، وقد وجد في مختبره "ماء نهر النسيان، ذلك الماء الذي ينسيني كل شيء إلا بهجة إجراء التجارب (٣٨) ".

وبعد أن سمع بويل بمضخة جويريكي الهوائية، صمم بمساعدة هوك (١٦٥٧) "آلة هوائية" لدراسة خواص الغلاف الغازي. وبهذه الآلة وما تلاها من مضخات أثبت أن عمود الزئبق في البارومتر يسنده الضغط الجوي، وقاس بالتقريب كثافة الهواء. وزاد على تجربة جاليليو المزعومة في بيزا بإثباته أن حزمة الريش تسقط بنفس سرعة سقوط الحجر، حتى في فراغ غير كامل. وبرهن على أن الضوء لا يتأثر بالفراغ، وإذن فهو لا يستعمل الهواء كما يستعمله الصوت وسيطاً لانتقاله، وأيد برهان جويريكي على أن الهواء لا غنى عنه للحياة "فحين أغمي على فأر في الحجرة المفرغة، أوقف التجربة وأنعشه بإدخال الهواء). ونحن نرى دولية العلم في تحركها حين نعلم أن جويريكي حفزته جهود بويل ليصمم مضخة هوائية أفضل ويستأنف دراساته العلمية، وأن هويجنز، بعد زيارته لبويل عام ١٦٦١، أغرى بصنع آلات شبيهة والقيام باختبارات مماثلة.

ومضى بويل في أبحاثه الخلاقة في الانكسار، والبلورات، والأوزان النوعية، والهيدروستاتيكا، والحرارة. وتوج إسهاماته في الفيزياء بصياغة القانون الذي يحمل اسمه: وهو أن ضغط الهواء أو