المحبوب لجراف، وسوامردام، وستينو، وويليس في ليدن). ونشر توماس ويليس، أحد مؤسسي الجمعية الملكية، في عام ١٦٦٤ كتابه Cerebri Anatome" تشريح المخ" الذي كان أكمل وصف للجهاز العصبي إلى ذلك التاريخ، ولا تزال تحمل اسمه "دائرة ويليس"، وهي شبكة سداسية من الشرايين في قاع المخ.
أما ألمع مشرحي العصر فهو مارتشيللو مالبيجي، الذي ولد قرب بولونيا في ١٦٢٨ ونال درجته الطبية منها، وبعد أن عمل أستاذاً عدة سنوات في بيزا ومسينا عاد إلى بولونيا، ودرس الطب في جامعتها خمسة وعشرين عاماً. وبعد أن اشتغل بالتشريح المكروسكوبي للنبات، ركز عدساته على دودة القز، وسجل كشوفه في دراسة ممتازة. وفي هذا البحث أوشك أن يفقد بصره، ومع ذلك كتب يقول "خلال قيامي بهذه البحوث تكشف أمام عيني الكثير جداً من معجزات الطبيعة حتى استشعرت لذة باطنية لا قدرة لقلمي على وصفها (٦٢) ". ولا بد أن قد خالجه ما خالج الشاعر الإنجليزي كيتس وهو يطالع لأول وهلة ترجمة تشابن لهوميروس، حين رأى (١٦٦١) في رئتي الضفدعة كيف ينتقل الدم من الشرايين إلى الأوردة في أوعية سماها "الشعيرات" لدقتها المتناهية، وقد وجد شبكة من هذه الشعيرات حيثما تحول الدم الشرياني إلى دم وريدي، وكذا وضح الجهاز الدوري لأول مرة أثناء دورته.
على أن هذا لم يكن سوى جزء من إسهامات مالبيجي في التشريح، وإن كان أهم أجزائها. فقد كان أول من أثبت أن حلمات اللسان أعضاء للتذوق، وألو من ميز الكرات الحمراء في الدم (ولكنه ظنها خطأ كريات من الشحم)، وأول من وصف بدقة الدورتين العصبية والدموية في الجنين، وأول من وصف هستولوجيا قشرة المخ والحبل الشوكي، وأول من أتاح الوصول إلى نظرية عملية للتنفس بوصفه الدقيق للبناء الحويصلي للرئتين. واسمه منتشر بحق على أجسادنا في "الحزم المالبيجية" أو حلقات من الشعريات، في الكلى، وفي "الكريات المالبيجية" في الطحال، وفي "الطبقة المالبيجية" في الجلد. وكثير من كشوفه وتفسيراه تحداه معاصروه، ولكنه دافع عن نفسه بقوة، وانتصر في معاركه وإن كلف هذا النصر أعصابه عنتاً. وقد أرسل