إلى الجمعية الملكية بلندن تقريراً عن جهوده، وكشوفه، وجدلياته، وكأنه كان يعرض هذه كلها على محكمة العلم العليا في جيله، ونشرت الجمعية هذا التقرير سيرة ذاتية بقلمه. وفي ١٦٩١ عين طبيباً خاصاً للبابا إنوسنت الثاني عشر، ولكنه توفي عام ١٦٩٤ من إصابة بالفالج، وكشف للشعيرات من المعالم في تاريخ التشريح، وعمله في جملته أرسى دعائم علم الهستولوجيا.
وإذ تقدم البحث في التشريح أماط اللثام عن أوجه شبه كثيرة جداً بين أعضاء الإنسان والحيوان، حتى لقد اقترب بعض الطلاب من نظرية التطور. ففي عام ١٦٩٩ نشر إدوارد يزون (الذي أطلق اسمه على الغدد الدهنية للبشرة) كتاباً عن "الأورنج-أوتانج، إنسان الغابات". وقد قارن بين تشريح الإنسان وتشريح النسناس، ورأى أن الشمبانزي وسط بينهما. ولم يمنع علم الأحياء من أن يسبق داروين في القرن السابع عشر غير الخوف من إحداث زلزال لاهوتي.
وانتقلت الأبحاث من التشريح والبنية إلى الفسيولوجيا والوظيفة. وكان التنفس إلى عام ١٦٦٠ يفسر بأنه عملية تبريد، أما الآن فقد شبهه أصحاب التجارب العلمية بالاحتراق. فبرهن هوك على أن سر التنفس هو تعرض الدم الوريدي للهواء النظيف في الرئتين. وأثبت عضو آخر في الجمعية الملكية هو رتشرد لوور (١٦٦٩) أن الدم الوريدي يمكن تحويله إلى دم شرياني بالتهوية، وأن الدم الشرياني يتحول وريدياً إذا منع باستمرار من الاتصال بالهواء. ورأى أن أهم عامل في التهوية هو "روح نتري" في الهواء. وجرياً على هذه المبادرات وصف جون مايو، صديق لوور هذا العالم النشيط بأنه "جزيئات نترية-هوائية" وفي التنفس تمتص الجزيئات النترية-في رأيه-من الهواء إلى الدم، ومن هنا كان الهواء في الزفير أخف وزناً وأقل حجماً منه في الشهيق. والحرارة الحيوانية سببها اتحاد الجزيئات النترية بالعناصر القابلة للاحتراق في الدم، والحرارة المتزايدة عقب الرياضة تنشأ من فائض الممتص من الجزيئات النترية بسبب التنفس الزائد. يقول مايو أن هذه الجزيئات النترية تلعب دوراً رئيسياً في حياة الحيوان والنبات.
وقد أفضي تفسير العمليات الحيوية إلى جدل من أبقى ما وعاه تاريخ العلم الحديث. ذلك أنه كلما أوغلت الفسيولوجيا بمزيد من