للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أنه في حالة تصنعه عن رؤية دائنه، إنما يرغب ضمناً في أن يذهب هذا الدائن إلى حيث لا يراه المدين أبداً. لأن المنفعة التي حصل عليها منه طوق بها عنقه، وفي هذه المنة أو الفضل عبودية (١٩) ". والنفور الأساسي هو الخوف. والاشتهاء الأساسي هو اشتهاء السلطة. "إني أرى في البشر جميعاً نزعة عامة. هي الرغبة الدائمة التي لا تهدأ في السلطة فوق السلطة، وتلك الرغبة لا يخمد أوارها إلا عند الموت (٢٠) ". إننا نرغب في الثراء والمعرفة بوصفها وسائل للسلطة. وفي الأوسمة ومظاهر الحفاوة والتكريم، لأنها دليل على السلطة، ونحن نريد السلطة لأننا نخشى التعرض للخطر. والضحك تعبير على التفوق والسمو والسلطة.

إن الانفعال بالضحك ليس إلا تألقاً أو اعتزازاً مفاجئاً (رضي ذاتياً) ينشأ عن إدراك مفاجئ لبعض السمو والرفعة فينا، بالمقارنة بوهن الآخرين وعجزهم، أو بوهننا وعجزنا فيما مضى، لأن الناس يضحكون من حماقاتهم السابقة عندما تخطر ببالهم فجأة، إلا إذا استحضروا معها شيئاً من مواطن الخزي والعار في حاضرهم .... ويكون الضحك أكثر ما يكون عارضاً لأولئك الذين يكونون على وعي تام بقدراتهم البالغة الضآلة، الذين يضطرون إلى التماس شيء من الراحة في ملاحظة نقائص الآخرين. ومن ثم فإن كثرة الضحك من عيوب الناس دليل على ضعة النفس. فإن من أروع الأعمال التي ينهض بها ذوو العقول الكبيرة أن يساعدوا الآخرين ويحرروهم من الذل والازدراء، وألا يقارنوا أنفسهم إلا بأقدر الناس (٢١).

والخير والشر مصطلحان ذاتيان يختلفان في المضمون، لا من مكان إلى مكان، ومن زمان إلى زمان فحسب، بل من شخص إلى شخص أيضاً. "إن الإنسان يسمي موضوع شهوته أو رغبته خيراً، وموضوع كراهيته أو نفوره شراً، لأن هاتين الكلمتين تستعملان دائماً في ما يتعلق بالشخص الذي يستخدمها، لأنه ليس ثمة خير أو شر بسيط أو مطلق، وليس هناك قاعدة عامة للخير أو الشر يمكن استنباطها من طبيعة الأشياء ذاتها (٢٢) ". وقد تكون الانفعالات خيراً، وقد تؤدي إلى العظمة. "وهذا الذي ليس لديه رغبة قوية .... وفي السيطرة أو