الثروة أو المعرفة أو الشرف والمهابة. لا يمكن أن يكون لديه خيال واسع أو عقل راجع". إن ضعف الانفعال غباء، وقوته بشكل غير طبيعي جنون وانعدام الرغبات موت (٢٣).
إن بهجة هذه الحياة لا تكمن في هجوع الذهن في حالة من الرضي والاكتفاء. لأنه ليس هناك ما يسمونه "الغرض الأسمى" و "الخير الأسمى" كما تحدثت عنهما كتب الفلاسفة الأخلاقيين القدامى .... فالبهجة هي تقدم الرغبة المستمر من هدف إلى هدف، وتحقيق الهدف السابق يظل طريقاً لتحقيق ما بعده (٢٤).
إن حكم رجال هكذا تكوينهم وميلهم إلى الكسب، والمنافسة وحدة الأهواء والانفعالات فيهم، ونزعتهم إلى النضال والكفاح، نقول أن مثل هذا الحكم هو أشد مهام البشر تعقيداً ومشقة، ويجدر بنا أن نهيئ لمن يتولونه كل عون أو سلاح من علم النفس ومن القوة والسلطان. وعلى الرغم من أن إرادة الإنسان غير حرة فإن للمجتمع ما يبرر تشجيعه لبعض الأعمال ويطلق عليها "أعمالاً فاضلة" ويثيب عليها، على حين يندد بأعمال أخرى، ويقول بأنها "أعمال مرذولة" ويعاقب عليها. وليس ثمة تناقض هنا مع "الحتمية"، فإن هذه الاستحسانات والتنديدات الاجتماعية تضاف، من أجل خير الجماعة ومصالحها، إلى الدوافع الني تؤثر في السلوك. "إن العالم يحكمه الرأي (٢٥)"، فالحكومة والدين والقانون الأخلاقي، هي إلى حد كبير تلاعب بالرأي، للتخفيف من الضرورة ونطاق القوة.
إن الحكومة ضرورية، لا لأن الإنسان شر بالطبيعة- لأن "الرغبات وسائر الانفعالات ليست آثمة في حد ذاتها (٢٦)"- بل لأن الإنسان بطبيعته أكثر نزوعاً إلى الفردية منه إلى الروح الاجتماعية، إن هوبز هنا لم يتفق مع أرسطو في أن الإنسان "حيوان سياسي"، أي مخلوق مهيأ بالطبيعة للاجتماع. إنه على النقيض من ذلك أدرك "حالة طبيعية" أصلية (وهي على ذلك الطبيعة الأصلية للإنسان)، على أنها حالة تنافس وعدوان متبادلين لا يوقفهما إلا الخوف، لا القانون. ويمكننا (كما يقول هوبز) أن نتصور هذه الحالة الافتراضية إذا لاحظنا العلاقات الدولية في زمننا هذا، فإن الأمم