ومهما كان الأساس الذي قام عليه الحاكم، فإنه لكي يكون حاكماً وملكاً حقاً، لا بد أن يكون ذا سلطة مطلقة، فإنه بدونها لا يستطيع أن يحقق أمن الفرد أو سلام الجماعة. ومقاومته إنما تعني نقض العقد الاجتماعي الذي أقره ضمناً كل فرد في الجماعة بقبوله حماية رأس الدولة له. وقد تسلم هذه "الاستبدادية المطلقة" النظرية ببعض قيود وحدود عملية. فيمكن مثلاً الوقوف في وجه الملك إذا أمر إنساناً بأن يقتل نفسه أو يبتر عضواً من جسمه ليعطله أو يشوهه، أو يعترف بجريمة لم يرتكبها، أو إذا لم يعد الحاكم قادراً على حماية رعاياه. "المفهوم إن التزام الرعايا نحو الملك يبقى ما بقيت سلطته التي يستطيع بها حمايتهم، ولا بقاء لهذا الالتزام إذا فقد السلطان (٣٣) ". والثورة دائماً جريمة إلا إذا حققت نجاحاً. إنها دائماً غير مشروعة وغير عادلة، لأن القانون والعدالة كلتيهما يحددهما ويحكمهما الملك، ولكن إذا أقامت الثورة حكومة مستقرة فعالة، فإن على المواطن أن يلتزم بطاعة السلطة الجديدة.
ولا يحكم هذا الملك بمقتضى الحق الإلهي، حيث أنه يستمد سلطته من الشعب، ولكن يجب أن تقيد سلطته جمعية شعبية أو قانون الكنيسة. ويجدر أن تمتد هذه السلطة إلى الملكية، فيجب على الملك أن يحدد حقوق الملكية (التملك)، وعليه أن يعيد توزيع الممتلكات الخاصة، حيثما يقدر أن هذا يحقق المصلحة العامة (٣٤). "والحكم المطلق" ضروري، لأنه إذا كانت السلطة شركة، بين الملك والبرلمان مثلاً، فسرعان ما ينشب النزاع، ثم الحرب الإلهية، فتعم الفوضى وتتعرض الحياة والممتلكات للخطر. وحيث أن الأمن والسلام هما الضرورتان الأساسيتان للمجتمع، فإنه لا ينبغي أن يكون هناك فصل، بل وحدة كاملة وتركيز تام في السلطات الحكومية. وحيثما توزعت السلطات لا يكون هناك ملك، وحيثما لا يكون ملك، لا تكون هناك دولة (٣٥).
وبناء على هذا يكون الشكل المنطقي للحكومة هو الملكية. ولا بد أن تكون وراثية، لأن حق اختيار الخلف جزء من سيادة الملك، ونكرر القول بأن البديل لهذا هو الفوضى (٣٦). وقد تصلح الحكومة عن طريق الجمعية ولكن شريطة أن تكون سلطتها مطلقة، غير