خاضعة لرغبات متقلبة لدى شعب غير متعلم. "إن الديموقراطية لا تعدو أن تكون أرستقراطية خطباء (٣٧) " فما أسهل أن يهيج زعماء الدهماء مشاعر الشعب، ومن ثم كان لزاماً أن تمارس الحكومة الرقابة على الخطابة والصحافة، وينبغي أن تكون هناك رقابة صادقة على المطبوعات والواردات وقراءة الكتب (٣٨). ولا يجوز أن يكون هناك جدل عقيم حول الحرية الفردية والآراء الخاصة والضمير. وينبغي أن يقتلع من الجذور كل ما يهدد سيادة الملك، ومن ثم السلام العام (٣٩). فكيف يتسنى حكم دولة أو حماية علاقاتها الخارجية إذا بقى كل فرد حراً في طاعة القانون أو مخالفته وفقاً لرأيه الخاص؟
د - الدين والدولة
وكذلك يجب على الملك أن يحكم دين شعبه، لأن الدين يمكن أن يكون قوة مدمرة متفجرة إذا تشدد فيه الناس. ويقدم هوبز تعريفاً موجزاً:"إن الخوف من القوة الخفية التي يلفقها العقل أو تصورها الأقاصيص، إذا سمح بانتشاره فهو "الدين".
وإذا لم يسمح فهو "الخرافة" (٤٠). وهذا يهبط بالدين إلى مجرد الخوف والخيال والادعاء، ولكن في مواضع أخرى نرى هوبز يعزوه إلى التسائل الملهوف عن علل الأشياء والحوادث وبداياتها (٤١). وتقود ملاحقة الأسباب هذه في النهاية إلى الاعتقاد (كما أعترف الفلاسفة الوثنيون) "بأنه لا بد أن يكون هناك "محرك" واحد، أي سبب واحد لكل الأشياء، وهو ما يعنيه الناس بقولهم الله (٤٢)" وذهب الناس بشكل طبيعي إلى أن هذا "السبب الأول" كان مثلهم: شخصاً ونفساً وإرادة، ولكنه فقط أقوى منهم بكثير. ونسبوا إلى هذا "السبب" كل الأحداث التي لم يستطيعوا تبين محدداتها الطبيعية بعد، ورأوا في الأحداث العجيبة معجزات ونبوءات للإرادة الإلهية.
في هذه الأشياء الأربعة: فكرة الأرواح، والجهل بالأسباب الثانوية، والتفاني فيما يخشاه الناس، وأخذ الأشياء الطارئة على أنها نذر أو بشائر، تنطوي البذور الطبيعية للدين، التي نمت بسبب