مختلف أوهام الكثير من الناس وأحكامهم وأهوائهم، نقول نمت حتى أصبحت طقوساً متباينة إلى حد أن ما يقوم به فرد، يعتبر في معظم الأحوال سخيفاً مرذولاً عند الآخر (٤٣).
كان هوبز "ربوبياً" لا ملحداً. فأعترف "بكائن أسمى (٤٤) " ذكي، ولكنه أضاف "قد يعرف الناس … بالطبيعة أن الله موجود، ولو أنهم لا يدركون ما هو (٤٥). "ويجب ألا ندرك أن لله شكلاً، لأن كل شكل محدود، أوله أجزاء، أو له مكان ما هنا أو هناك، "لأن أي شيء له مكان، لا بد أن يكون مقيداً محدوداً"، أو أنه يتحرك أو يظل في مكانه، لأن هذا مكانه، لأن هذا ينسب له مكان، كما يجب ألا نقول إلا عن طريق المجاز بأنه يمارس الحزن والندم والغضب والرحمة والحاجة والشهوة والأمل أو أية رغبة أخرى (٤٦). وخلص هوبز إلى أن "طبيعة الله خافية لا يمكن فهمها (٤٧) " وقد لا يصفه هوبز بأنه روحي غير مادي، لأننا لا نستطيع أن ندرك شيئاً بلا جسم، ويحتمل أن كل "روح" جسدية ولكن بشكل دقيق (٤٨).
وبعد أن حدد هوبز لكل من الدين والرب مكانه، عرض أن يستخدمهما أداتين للحكومة ليكونا في خدمتها، ومن أجل هذا أورد سوابق ذوات شأن خطير.
إن المؤسسين والمشرعين الأولين للدول بين "الأمميين (غير اليهود) الذين كانت غاياتهم الإبقاء على طاعة الناس وعلى السلام، عنوا في كل مكان:
أولاً: بأن يطبعوا في أذهان الناس أن تلك التعاليم التي جاءوا به بها فيما يتعلق بالدين، لا يجوز الظن بأنها جاءت من عندياتهم، بل أنها جاءت بأمر من بعض الآلهة أو الأرواح، وإلا كانوا (المؤسسون والمشرعون من الطبيعة أسمى وأرقى من مجرد بشر معرضين للفناء، حتى يمكن تقبل قوانينهم في كثير من اليسر. وهكذا زعم "توما بومبليوس" (ثاني كلوك روما) أنه تلقى الطقوس التي أقامها بين الرومان من الحورية اجريا، كما زعم مؤسس بيرو وأول ملوكها أنه وزوجته من أبناء الشمس.