توضح أنه ليس في الإنجيل شيء ينافي العقل "أو يسمو فوق العقل". ومذ تقبل بقبول حسن كتاب لوك الحديث "بحث في العقل البشري" حيث أثبت أن الإحساس هو أصل كل المعرفة، فإنه أي جون تولاند، خرج منه بعقلانية متطرفة.
أنا أعتقد أن "العقل" هو الأساس الوحيد لكل حقيقة يقينية، ولا يستثنى من مجال بحث هذا العقل أي وحي أكثر مما يستثنى الظواهر العادية للطبيعة " ..... إن الاعتقاد بألوهية الأسفار المقدسة أو معنى أية قطعة فيها، دون برهان عقلاني أو حجة دامغة قوية، إنما هو سذاجة أو سرعة تصديق جديرة باللوم … ومن المألوف أن يميل بعض الناس إلى سرعة التصديق عن جهل وعن عمد، لكن الأكثر من هذا أن ما يتوقعون من نفع هو الذي يدفعهم إلى سرعة التصديق (٧٨).
وكان هذا بمثابة إعلان للحرب. ولكن تولاند في سياق حديثه بعد ذلك رفع غصن الزيتون، حيث أردف أن المبادئ المسيحية الأساسية عقلانية باستثناء تحول خبز القربان والخمر إلى جسد المسيح ودمه. وعلى الرغم من ذلك لم يسكتوا على هذا التحدي، فقد اجتمع كبار المحلفين في مدلسكس ودبلن عبر بحر أيرلندة ليستنكروا الكتاب، فأحرق بصفة رسمية أمام أبواب البرلمان الأيرلندي، وحكم على تولاند بالسجن، ولكنه هرب إلى إنجلترا، ولما عجز عن إيجاد عمل له فيها، هاجر إلى القارة. ولبعض الوقت لقي ترحيباً لدى صوفيا هانوفر وابنتها صوفيا شارلوت ملكة بروسيا.
وإلى صوفيا شارلوت هذه وجه تولاند "رسائل إلى سيرينا" (١٧١٤). وفي إحداها حاول أن يتعقب أصل عقيدة الخلود ونموها، وكانت هذه إحدى المحاولات الأولى في التاريخ الطبيعي للمعتقدات الخارقة للطبيعة. وفي رسالة ثانية عارض تولاند الرأي القائل بأن المادة في حد ذاتها جامدة لا حركة فيها، وقال أن الحركة صفة أساسية للمادة ملازمة لها، وليس ثمة جسم في سكون مطلق. وكل الظواهر المدركة بالحواس إن هي إلا حركات في المادة، بما في