للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذلك الأفعال التي يأتيها الحيوان، وقد يصدق هذا على الإنسان كذلك (٧٩). ومهما يكن من أمر فإن تولاند عرض نفسه هنا للخطر، فإن مثل هذه الأفكار ينبغي أن لا تنشر علانية، حيث يجب ترك الجمهور غير المتعلم على معتقداته التقليدية دون إزعاج أو تشويش، باعتبار أن هذا وسيلة للسيطرة عليه أو التحكم فيه من الناحيتين السياسية والاجتماعية. ويجدر أن يكون التفكير الحر واجب الأقلية المتعلمة وامتيازاً مقصوراً عليها، وينبغي ألا يكون ثمة رقابة على هذه الأقلية "فلندع كل الناس يتحدثون بما يفكرون فيه كما يحلو لهم، دون أن يوصموا بالعار أو يعاقبوا إلا على ما يأتون من أعمال سيئة ضارة (٨٠) ". وظاهر أن تولاني هو الذي ابتكر مصطلحي "المفكر الحر" و "المؤمن بوحدة الوجود" (٨١) (القائل بأن الله والطبيعة شيء واحد، وأن الكون المادي والإنسان ليسا إلا نظاهر للذات الإلهية).

ويوحي بحثه "ابن الناصرة" (١٧١٨) بأن المسيح لم يكن يقصد الفصل بين أتباعه وبين اليهودية، وأن المسيحيين اليهود الذين ظلوا يتبعون شريعة موسى وكانوا يمثلون "الخطة الأصلية الحقة للمسيحية" وهناك رسالة صغيرة "الإيمان بوحدة الوجود" شرح فيها مذهب وطقوس جمعية سرية وهمية. وربما كان تولاند عضواً في Mother Grand Dlodge الماسونيين الأحرار التي أسست في لندن ١٧١٧. إن هذه الجمعية كما وصفها تولاند نبذت كل الوحي الخارق للطبيعة، وقدمت ديناً جديداً يتفق مع الفلسفة، وقالت بالتماثل بين الله والكون، واستبدلت بالقديسين في التقويم المسيحي أبطال الحرية والفكر. وأجازت الجمعية لأعضائها القيام بالعبادات العامة المألوفة ما داموا، عن طريق نفوذهم السياسي يستطيعون الحيلولة دون أن يكون التعصب أمراً مؤذياً ضارياً (٨٢).

وزاول تولاند أعمال مختلفة لفترات متقطعة، وركن تولاند إلى حياة الفقر والعوز، لم ينقذه منها من الموت جوعاً إلا لورد مولزورث والفيلسوف شافتسبري. واحتمل في صبر وجلد حملات التفنيد التي شنت على كتبه (٥٤ مرة في ستين عاماً). وزعم أن الفلسفة أسبغت