عليه "هدوءاً تاماً"، وحررته من "فزع الموت (٨٣). وفي سن الثانية والخمسين أصيب بداء عضال يستعصي البرء منه (١٧٢٢) وكتب بنفسه عبارة قصيرة ملؤها الزهو والفخر لتنقش على قبره:
هنا يرقد جون تولاند الذي ولد .. بالقرب من لندندري .... نهل من مختلف الآداب والمعارف، وكان ملماً بأكثر من عشر لغات، وكان نصير الحق والمدافع عن الحرية، لم يربط نفسه بإنسان، ولم يتملق إي إنسان، ولم يحد تحت تأثير التهديد أو تحت ضغط البؤس والفاقة عن نهجه المرسوم الذي سار عليه حتى النهاية، مضحياً بمصلحته في سبيل السعي وراء الخير العام، إن نفسه متحدة مع الأب الذي في السماء الذي جاء منه في البداية، وليس ثمة أدنى شك أنه سيحيا ثانية في الخلود، ومع ذلك فإنه لن يكون هناك تولاند آخر .... لأن سائر الناس سوف يسترشدون بكتاباته (٨٤).
وحمل أنطوني كولنز أمانة مذهب الربوبية بعد تولاند، في براعة وتواضع أكثر. وكان خير عون له في مهمته أنه كان ثرياً، وأن له بيتاً في الريف وآخر في المدينة، فلم يكن لينبذ لأنه معدم يتضور جوعاً. وكان ذا سلوك قويم، وخلق ليس فيه مطعن. كتب إليه لوك الذي عرفه كل المعرفة: "إن حب الحق من أجل الحق وحده هو الجانب الأساسي في الكمال الإنساني في هذه الدنيا، ومنبت كل الفضائل، وإذا لم أكن مخطئاً، فإنك جمعت منها قدر ما وجدته في أي إنسان (٨٥)". إن كتاب كولنز "بحث في التفكير الحر" (١٧١٣) أحسن شرح للربوبية في هذا العصر.
إنه عرف التفكير الحر بأنه "استخدم الفهم في إيجاد معنى لأية قضية أياً كانت، والتأمل في طبيعة الدليل، لها أو ضدها، والحكم عليها وفقاً لنقاط القوة أو الضعف الظاهرة في الدليل" "وليس ثمة وسيلة أخرى للكشف عن الحقيقة (٨٦) ". إن تباين المذاهب والتفسيرات المتناقضة لنصوص الكتاب المقدس لتضطرنا إلى قبول حكم العقل، فلمن نتحكم بعده اذن، اللهم إلا أن نحتكم إلى القوة؟. وكيف يتسنى إلا طريق البينة والتأمل والاستنتاج، أن نقرر أي