يقول العلماء الصينيون انها وجدت قبل لو- دزه بزمن طويل، والتي كان لها من بعده أنصار من الطراز الاول، والتي صارت فيما بعد دينا تعتنقه أقلية كبيرة من الصينيين من أيامه إلى وقتنا هذا، وجملة القول أن مؤلف الدو- ده- جنج مسألة ذات أهمية ثانوية، وأما الآراء التي احتواها الكتاب فمن أبدع ما كتب في تاريخ الفكر الانساني.
ومعنى لفظ الدَّو هو الطريقة: وهي أحيانا طريقة الطبيعة، وأحيانا الطريقة الدوية للحياة الحكيمة. أما المعنى الحرفي لهذا اللفظ فهو الطريق. وهو في الاصل طريقة للتفكير أو للامتناع عن التفكير، وذلك لأن الدويين يرون أن التفكير أمر عارض سطحي لاغير فيه الا للجدل والمحاجاة، يضر الحياة اكثر مما ينفعها. اما "الطريقة" فيمكن الوصول اليها بنبذ العقل وجميع مشاغله، وبالالتجاء إلى حياة العزلة والتقشف والتأمل الهادئ في الطبيعة. وليس العلم في رأي صاحب الكتاب فضيلة، بل ان السفلة قد زاد عددهم من يوم أن انتشر العلم. وليس العلم هو الحكمة، ذلك لأنه لا شيء أبعد عن الرجل الحكيم من "صاحب العقل". وشر أنواع الحكومات التي يمكن تصورها حكومة الفلاسفة؛ ذلك أنهم يقحمون النظريات في كل نظام طبيعي؛ وأكبر دليل على عجزهم عن العمل هو قدرتهم على إلقاء الخطب والإكثار من الاراء، وفي ذلك يقول الكتاب:
ان المهرة لا يجادلون؛ وأصحاب الجدل عطل من المهارة … واذا ما نبذنا المعارف نجونا من المتاعب … والحكيم يبقي الناس على الدوام بلا علم ولا شهوة، واذا وجد من لهم علم منعهم من الاقدام على العمل … وان الاقدمين الذين أظهروا براعتهم في العمل بما في الدو لم يفعلوا ما فعلوه لينيروا عقول الناس بل ليجعلوهم سذجا جهلاء … والصعوبة التي يواجهها الحكام انما تنشأ من كثرة ما عند الناس من العلم، ومن يحاول حكم دولة من الدول بعلمه وحكمته ينكل