للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القويم والخلق الكريم يتطلبان من الكنيسة المسيحية دعماً شاملاً. وإذا كانت الفلسفة تنزع عن الناس إيمانهم بعدل الهي كامن وراء جور الحياة وشقائها، فماذا عساها تقدم لتقوية آمال الناس والإبقاء على شجاعتهم؟ تقدم بطيء نحو يوتوبيا ديموقراطية؟ ولكن في مثل هذه اليوتوبيا هلا يبتدع الجشع الطبيعي في الناس وعدم المساواة بينهم وسائل جديدة ليستخدم الدهاة والأقوياء غيرهم من البسطاء والضعفاء أو يسيئوا استغلالهم؟.

وكان أول همه أن "يضع المقاييس والحدود بين العقيدة والعقل". وعمد إلى تحقيق هذا في الفصل الثامن عشر من الباب الرابع من المقال. "إني أجد كل شيعة تحاول جهدها، بقدر ما يسعفها العقل، أن تفيد منه عن طيب خاطر، وحيثما يخفق العقل تصرخ وتصيح بأعلى صوت: تلك مسألة إيمان وعقيدة فوق العقل (١٥١) ". إن كل ما أوحى به الله حق على وجه اليقين (١٥٢) ". ولكن التأمل وحده في الدليل المتاح هو الذي ينبئنا إذا كانت الأسفار المقدسة هي كلمة الله، "وليس ثمة قضية يمكن تقبلها على أنها وحي إلهي، إذا كانت تناقض معرفتنا الأكيدة البديهية (١٥٣) ". وإذا كان في مقدورنا تقرير مسألة ما بمثل هذه الملاحظة المباشرة، فإن معرفتنا تسمو على أي وحي مزعوم، لأنها أوضح وأكثر توكيداً من أي توكيد بأن هذا الوحي الذي نحن بصدده إلهي حقاً. ومهما يكن من أمر "فهناك أشياء كثيرة لدينا عنها أفكار غامضة ناقصة، أو ليس لدينا عنها أفكار البتة، وثمة أشياء أخرى لا نستطيع بالاستخدام الطبيعي لمواهبنا، الوصول إلى معرفة شيء عن وجودها في الماضي أو الحاضر أو المستقبل، مطلقاً، ولكزنها فوق العقل، فإنها إذا كشفت، تكون "المادة الصحيحة للعقيدة والإيمان (١٥٤) ". ويخلص لوك إلى القول: "ليس هناك شيء يناقض أوامر العقل الواضحة البديهية أو لا يلتئم معها، يحق له أن يشجع أو يؤكد على أنه مسألة عقيدة لا دخل للعقل فيها (١٥٥) " "وثمة أمارة لا تخطئ" على حب الحق. "ألا نهلل ونرحب بأية قضية في توكيد أكبر مما تجيزه الأدلة التي تقوم عليها القضية (١٥٦) ". "وينبغي أن يكون العقل أول حكم ومرشد لنا في كل شيء (١٥٧) ".