ومن ثم نشر لوك في ١٦٩٥ "معقولية المسيحية كما تنقلها الأسفار المقدسة". وأعاد قراءة العهد الجديد، كما يمكن أن يقرأ الإنسان كتاباً جديداً، طارحاً كل التعاليم والتعليقات جانباً (كما قال). وسيطر عليه نبل السيد المسيح المحبب إلى النفس، وجمال كل تعاليمه تقريباً، باعتبارها خير آمال الإنسان وأكثرها إشراقاً. وإذا كان ثمة شيء يمكن أن يكون رسالة إلهية فإن هذه القصص وذاك المذهب تبدو وكأنهما من عند الله. ورأى لوك أن يتقبلها جميعاً على أنها مقدسة، بل أن يقرها أيضاً، في كل أساسياتها، باعتبارها متفقة كل الاتفاق مع العقل.
ولكن بدا له أن هذه الأساسيات أكثر اعتدالاً وبساطة من اللاهوت المعقد في المواد التسع والثلاثين، أو اعتراف وستمنستر أو مذهب أثناسيوس. واقتبس من الإنجيل فقرة بعد فقرة، لا تطلب كلها من المسيحي إلا أن يؤمن بالله وبأن المسيح رسول من عند الله. وهنا- كما يقول لوك ديانة بسيطة صريحة واضحة، صالحة لكل إنسان، لا تعتمد على أي فقه أو لاهوت. وفيما يتعلق بوجود الله، فقد شعر لوك "بأن أعمال الطبيعة بكل دقائقها أوفى دليل على وجود الله (١٥٨) " وحاول لوك من وجوده هو نفسه أن يبرهن على "سبب أول"، وانتهى إلى أن مثل هذه الخصائص لا بد أن تنسب أيضاً إلى الله، والله "عقل سرمدي خالد (١٥٩) " وحينما شكا نقاد لوك من أنه أغفل بعض التعاليم الحيوية مثل خلود النفس والعذاب المقيم والنعيم المقيم، أجاب بأنه في الاعتراف بالمسيح ارتضى تعاليمه التي شملت تلك الآراء والتعاليم. ومن ثم خرج لوك من الباب الذي دخل منه.
ومهما يكن من أمر، فإن لوك ألح على أن تتمتع بالحرية الكاملة في إنجلترا كل المذاهب المسيحية فيما خلا الكثلكة. وكان قد كتب مقالاً عن التسامح في ١٦٦٦. وعندما ارتحل إلى هولندا ١٦٨٣ وجد هناك من حرية العبادة أكثر مما كان في إنجلترا. ولا بد أنه قرأ أثناء أقامته في هولندا دفاع بيل القوي عن التسامح الديني (١٦٨٦). وحركت مشاعره هجرة الهيجونوت واضطهادهم (١٦٨٥) فكتب إلى صديقه لمبروخ رسالة استحث نشرها. فطبعت باللاتينية ١٦٨٩ تحت عنوان