"رسالة في التسامح" وظهرت ترجمتها إلى الإنجليزية قبل نهاية العام. واستنكرها أحد أساتذة أكسفورد، فدافع عنها لوك، وكان آنذاك في إنجلترا، في رسالة ثانية وثالثة" عن التسامح في ١٦٩٠ slash١٦٩٢. ولم يحقق قانون التسامح الذي صدر في ١٦٨٩ من مقترحات لوك إلا قليلاً جداً، ذلك أن القانون استبعد الكاثوليك والتوحيديين واليهود والوثنيين وحظر تولي الشئون العامة على المخالفين. إن لوك أيضاً أتى باستثناءات فلم يكن ليتسامح مع الملحدين حيث رأى أنهم غير أهل للثقة ما داموا لا يخشون إلهاً ولا ديانة توقع عذاباً مادياً، بالتضحية بالإنسان مثلاً، ولم يتسامح مع مذهب يتطلب الولاء لسلطة أجنبية، ومفهوم أنه كان يعني الكثلكة (١٦٠). ودعا صراحة إلى التسامح مع المشيخيين والمستقلين، وأنصار تجديد العماد، والأرمينيين والكويكرز. ولم يتجاسر على القول بالتسامح مع التوحيديين ولو أن أرل شافتسبري الأول الذي قضي نحبه في أمستردام ١٦٨٣ كان قد ذكر أنه قد استقى مذهب الأرمينيين والتوحيديين من سكرتيره لوك (١٦١).
وقال لوك بأن القانون ينبغي أن يهتم فقط بالحافظة على النظام الاجتماعي. فإن القانون الحق في القضاء على كل ما من شأنه العمل على التخريب في الدولة، ولكن ليس له ولاية ولا سلطان على نفوس الناس، وليس لآية الكنيسة سلطة لإرغام الناس على مشايعتها .. فما أسخف أن يعاقب الناس في الدنمرك لأنهم غير لوثريين، أو في جنيف لأنهم لا يتبعون مذهب كلفن، أو في فيينا لأنهم لا يعتنقون المذهب الكاثوليكي. وفوق كل شيء، أي فرد أو أية جماعة أتيح لها إدراك الحقيقة كاملة عن حياة البشر ومصير الإنسان؟ ولحظ لوك أن معظم الديانات تنادي بالتسامح في أيان ضعفها، ولكنها تأباه في أيام قوتها .. ورأى أن الاضطهاد مصدره شهوة السلطان والسيطرة، والحقد المقنع في ثياب الغيرة الدينية. والاضطهاد يصنع المنافقين، أما التسامح فإنه يشجع المعرفة والحق، وكيف يعمد المسيحي إلى الاضطهاد والتعذيب والإساءة، وقد أخذ على نفسه عهداً بالبر والإحسان ومحبة الناس؟
وواصل لوك حملته من أجل التسامح حتى غابت شمس حياته.