للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لفتى في الخامسة والعشرين. ومرة أخرى تعرض باركلي لمقال لوك. إذا كانت كل المعرفة تأتي عن طريق الحواس، وليس ثمة شيء له حقيقية واقعة لدينا إلا إذا كنا ندركه أو قد أدركناه إدراكاً حسياً، "موجود أي أنه مدرك". وكان لوك كان قد ذهب إلى أن المدركات قد أحدثتها أشياء خارجية تضغط على أعضاء الحس فينا. وهنا تساءل باركلي: كيف تعرف أن مثل هذه الأشياء (الخارجية) موجودة؟ ألسنا نرى في أحلامنا أفكاراً واضحة مشرقة. وضوح وإشراق ما نراه منها في اليقظة. أن لوك حاول أن ينقذ استقلال الحقيقة الواقعة للأشياء بالتمييز بين صفاتها الأولية والثانوية، فهذه الخيرة ذاتية "في العقل"، والصفات الأخرى-الامتداد، الصلابة، الشكل، العدد، الحركة، السكون-موضوعية، توجد في جوهر خفي غامض اعترف لوك بأنه لا يعرف عنه شيئاً، ولكنه، هو والعالم بأسره، جعلوه "والمادة" شيئاً واحداً. والآن أعلن باركلي أن الصفات الأولية ذاتية مثل الثانوية تماماً، وأننا لا نعرف امتداد الأشياء وصلابتها وشكلها وعددها وحركتها وسكونها، إلا عن طريق الإدراك الحسي، وأن الصفات الأولية، بناء على ذلك، ذاتي أيضاً، أي أنها أفكار. والعالم بالنسبة لنا طائفة من المدركات الحسية، "إن العقل هو الذي يشكل هذه المجموعة المتنوعة من الأجسام التي يتألف منها العالم المرئي، ولا يتأتى لأي منها أن يكون موجوداً لفترة أطول مما هو مدرك (١٨٢) انزع عن "المادة" صفاتها الأولية والثانوية معاً، تصبح المادة عدماً لا معنى له. وعندئذ يترك "المادي" ليلعق عدماً (١٨٣).

وكان باركلي على وعي تام بأن آخرين، فضلاً على الماديين قد يعترضون على تبخر العالم الخارجي بمثل هذه البراعة الخادعة. ولم يعجز عن الرد حين سئل: هل يتوقف وجود أثاث المنزل في حجراتنا إذا لم يوجد من يدركه أو يراه (١٨٤). إنه لم ينكر حقيقة عالم خارجي لمدركاتنا (١٨٥)، وكل ما أنكره هو "مادية" العالم. ويمكن أن تستمر الأشياء الخارجية موجودة ولو لم ندركها أو نراها، وما ذاك إلا لأنها موجودة باعتبارها مدركات في عقل الله (١٨٦)، واستطرد يقول إن احساساتنا في الحقيقة تسببها، لا المادة الخارجية، بل القوة الإلهية التي تؤثر في حواسنا. والروح