لو- دزه، أن الدوين في واقع الامر دو واحد وأن الحياة في تناغمها الاساسي السليم ليست الا جزءا من تناغم الكون. وفي هذا الدو الكوني تتوحد جميع قوانين الطبيعة وتكون مادة الحقائق كلها التي يقول بها اسبنوزا؛ وفيه تجد كل الصور الطبيعية على اختلاف أنواعها مكانها الصحيح، وتجتمع كل المظاهر التي تبدو للعين مختلفة متناقضة، وهو الحقيقة المطلقة التي تتجمع فيها كل الخصائص والمعضلات لتتكون منها وحدة هيجل Hegel الشاملة".
ويقول لو إن طبيعة قد جعلت حياة الناس في الايام الخالية بسيطة آمنة، فكان العالم كله هنيئا سعيدا. ثم حصل الناس "المعرفة" فعقدوا الحياة بالمخترعات وخسروا كل طهارتهم الذهنية والخلقية، وانتقلوا من الحقول إلى المدن، وشرعوا يؤلفون الكتب، فنشأ من ذلك كل ما أصاب الناس من شقاء، وجرت من أجل ذلك دموع الفلاسفة. فالعاقل اذن من يبتعد عن هذا التعقيد الحضري وهذا التيه المفسد الموهن تيه القوانين والحضارة، ويختفي بين أحضان الطبيعة، بعيدا عن المدن والكتب، والموظفين المرتشين، والمصلحين المغترين. وسر الحكمة كلها وسر القناعة الهادئة، وهي وحدها التي يجد فيها الانسان السعادة الابدية، هو الطاعة العمياء لقوانين الطبيعة، ونبذ جميع أساليب الخداع وأفانين العقل، وقبول جميع أوامر الطبيعة الصادرة من الغرائز، والشعور في ثقة واطمئنان، والجري على سنن الطبيعة الصامتة وتقليدها في تواضع.
ولعلنا لا نجد في الأدب كله فقرة أكثر انطباقا على العقل والحكمة من الفقرة الآتية:
ان كل ما في الطبيعة من أشياء تعمل وهي صامتة، وهي توجد وليس في حوزتها شيء، تؤدي واجبها دون أن تكون لها مطالب، وكل الاشياء على السواء تعمل عملها ثم تراها تسكن وتخمد، واذا ما ترعرعت وازدهرت عاد كل منها