١٦٨٢. وعجب كيف يتسنى لرجل التزم التزاماً قوياً بمذهب معين، أن يكتب تاريخاً صادقاً نزيهاً غير متحيز. كيف يمكن أن يوثق في مؤرخ مثل ميمبورج نعت معاملة لويس الرابع عشر لهيجونوت (قبل ١٦٨٢) بأنها معاملة "عادلة رقيقة كريمة؟ " ووجه الخطاب إلى لويس الرابع عشر، فكتب من هولندا التي كانت فرنسا قد اجتاحتها حديثاً بشكل وحشي أثيم، متسائلاً: أي حق لملك في فرض مذهبه الديني على رعاياه؟ وإذا كان له هذا الحق، لكان للأباطرة الرومان ما يبرر اضطهادهم المسيحية. وذهب بيل إلى أن الضمير هو وحده الذي يحكم عقيدة المرء. ورد ميمبورج على ذلك رداً حاسماً بالحصول على أمر من لويس الرابع عشر بإحراق أية نسخة توجد في فرنسا من كتاب بيل بواسطة السلطات المختصة.
وفي العام نفسه، ١٦٨٢، أصدر بيل أول أعماله الهامة "آراء شتى حول المذنب" وهو النجم المذنب الذي كان قد عبر السماء في ديسمبر ١٦٨٠. وتولى الفزع أوربا بأسرها لهذا النجم الذي بدا أن النار في ذنبه تنذر بإحراق العالم. أننا إذا رجعنا إلى الوراء لنشارك ذاك العصر خوفه وجزعه-حين فسر الكاثوليك والبروتستانت على السواء هذه الظاهرة بأنها نذر إلهية، واعتقدوا أن الله سيرسل صاعقة من السماء على الأرض الخاطئة الآثمة في أية لحظة، فإننا عندئذ فقط نستطيع أن ندرك مدى الرعب الذي انتاب الناس عند ظهور هذا اللهب على غير انتظار، أو أن نقدر مدى الشجاعة والحكمة في تعليقات بيل عليه. إن العلامة ملتون نفسه كان قد قال حديثاً "أن النجم المذنب ينشر من شعره المروع الطاعون والحرب"(١٣). أن بيل أسس بحثه على الدراسات الحديثة التي أجراها الفلكيون (ولكن لم يكن نجم هالي ١٦٨٢ قد ظهر بعد)، ومن ثم أكد لقرائه أن النجوم المذنبة تتحرك في السموات طبقاً لقوانين ثابتة وليس لها أي علاقة بشقاء البشر أو سعادتهم. ورأى لانتشار الخرافات وإلحاحها على عقول الناس. "أن الذي يقفو زلات العباد ملتمساً أسبابها لن ينتهي من ذلك أبداً (١٤) ". ونبذ الإيمان بكل المعجزات إلا ما ورد منها في العهد الجديد "الإنجيل"، (ولولا هذا الاستثناء، لما سمح بطبع الكتاب في هولندا). "في الفلسفة الصحيحة، ليست الطبيعة إلا الله نفسه،