ونشر موضوع "النجم المذنب" غفلاً من اسم المؤلف. واتخذ بيل نفس الحيطة حين افتتح واحدة من أكبر الدوريات في ذلك العصر:"أنباء جمهورية الأدب". وظهر العدد الأول منها في مائة وأربع صفحات، في أمستردام في مارس ١٦٨٤ وعرضت المجلة أن تزود قراءها بكل التطورات الهامة في الأدب والعلوم والفلسفة والبحوث والكشوف والتاريخ الرسمي. ومبلغ علمنا أن بيل نفسه كتب محتويات المجلة شهراً بعد شهر لمدة ثلاثة أعوام. وقد ندرك مبلغ الجهد الذي استلزمه هذا العمل. وسرعان ما أصبح استعراضه للكتب ذخيرة قوية في دنيا الأدب. وفي ١٦٨٥ جمع أطراف شجاعته وأهلن أنه المؤلف. وبعد ذلك بعامين تدهورت صحته فترك تحرير المجلة لآخرين غيره.
وفي تلك الأثناء وقع أربعة من أسرة بيل فريسة اضطهاد الهيجونوت في فرنسا. وكنتيجة مباشرة أو غير مباشرة لعنف اضطهاد القوات الفرنسية للبروتستانت، ماتت أمه في ١٦٨١، ومات أبوه في ١٦٨٥، وفي نفس العام سجن أخوه ثم قضى نحبه نتيجة للتعذيب والقسوة. وبعد ذلك بستة أيام ألغى مرسوم نانت. وصعق بيل لهذه التطورات، ولم يكن له، مثل فولتير، من سلاح غير قلمه، وفي ١٦٨٦ تحدى الطغاة المستبدين بإحدى الروائع في أدب التسامح الديني.
وكان عنوان هذه الرسالة "تعليق فلسفي على كلمات يسوع المسيح": أخرج إلى الطرق والسياجات وألزمهم بالدخول. (لوقا ١٤ - ٢٣).
وكان هؤلاء الطغاة الوحشيون قد التمسوا سنداً لإجراءاتهم التعسفية في القصة التي رواها المسيح عن الرجل الذي قال لعهده، حين لم تلب ضيوفه دعوته إلى عشاء عظيم أعده لهم "أخرج عاجلاً إلى شوارع المدينة وأزقتها، وأدخل إلى هنا المساكين والجدع. والعرج والعمي .... وألزمهم بالدخول حتى يمتلئ بيتي (١٨) "(إنجيل لوقا-١٤: ١٦ - ٢٣). ولم يجد بيل مشقة في إيضاح أن هذا الكلام ليس له علاقة بإرغام الناس على أتباع دين أو مذهب واحد، بل العكس، وجدنا فرض نعتقد ديني موحد قد خضب نصف أوربا بالدماء، وأن تباين المذاهب الدينية في الدولة حال دون