وصول أحدهما إلى درجة من القوة تمكنه من الاضطهاد. وفضلاً عن هذا: من منا يثق بأنه على حق إلى حد يستند إليه في إيذاء من يخالفونه؟ واستنكر بيل اضطهاد البروتستانت للكاثوليك، والمسيحيين لغير المسيحيين، والعكس بالعكس سواء بسواء. وعلى النقيض من لوك، اقترح بيل أن تمتد حرية العبادة أو اللاعبادة إلى اليهود والمسلمين والمفكرين الأحرار. ونسي ما ذهب إليه من قبل من أن الملحدين يحتمل أن يكونوا مواطنين صالحين مثل المسيحيين، فنصح بعدم التسامح مع الطوائف التي لا تؤمن بالعناية الإلهية وبوجود إله يحاسب ويعاقب، فإن هؤلاء لا تطهر من نفوسهم خشية الله ومن ثم قد يجعلون من الصعب تطبيق القانون (١٩). أما بالنسبة للآخرين فلا يجوز التسامح مع المتعصبين منهم. فهل يجوز لدولة بروتستانتية أن تتسامح في أن تقوم فيها كاثوليكية دافعت عن التعصب على اعتبار أن الكثلكة وحدها هي العقيدة الحقة الصحيحة؟. ورأى بيل أن الكاثوليك في مثل هذه الحالات-"يجب أن يسلبوا سلطة إلحاق الأذى والضرر بغيرهم … ومع ذلك فأما لا أقر تعرضهم ممارستهم لديانتهم، ولا أقر حرمانهم من اللجوء إلى القانون (٢٠).
ولم يكن البروتستانت أكثر ارتياحاً من الكاثوليك لبرنامج التسامح هذا، من ذلك أن بيير جوريو-الذي كان صديق بيل وزميله في العمل في سيدان، وكان الآن راعياً لأبرشية كلفنية في روتردام-هاجمه في بحث بعنوان: "حقوق السيدين في أمور الدين-الضمير والأمير-. (١٦٨٧) وذهب جوريو إلى هدم نظرية عدم الاهتمام بالأديان، وفكرة التسامح العام والشامل، معارضاً كتاباً بعنوان "تعليقات فلسفية". واتفق مع البابوات في أن للحكام أو الملوك الحق في القضاء على أية عقيدة زائفة، وقد روعه بخاصة التسامح مع اليهود والمسلمين والسوسنيين والوثنيين. وفي ١٦٩١ أهاب جوريو بعمد مدينة روتردام أن يفصلوا بيل من عمله، فرفضوا. ولكن في ١٦٩٣ جاءت الانتخابات بهيئة حكام جديدة، وجدد جوريو حملته متهماً بيل بالإلحاد، فطرد مكن وظيفته، فقال الفيلسوف "اللهم أنقذنا من محكمة التفتيش البروتستانتية، فلن تنقضي خمس أو ست سنوات حتى تشتد