المهيب في أخريات حياته. وعوق كانت مجرى هذا التأثير لبعض الوقت. ولكن هيجل صرح بأنه "لكي تكون فيلسوفاً ينبغي أول أن تكون سبينوزياً"، وعبر من جديد عن إله سبينوزا بأنه "العقل المطلق" وربما تسرب شيء من "نزعة المحافظة على الذات" عند سبينوزا إلى "إرادة الحياة" عند شوبنهور، و "إرادة القوة" عند نيتشه.
ولمدة قرن من الزمان عرفت إنجلترا سبينوزا عن طريق الهرطقة أساساً، واستنكرته غولاً بشعاً بعيداً عنها. وأشار إليه ستللنجفليت (١٦٧٧) بصورة غامضة "مؤلفاً متأخراً أسمع منه أن تمتع بشعبية كبيرة بين كثير ممن ينادون بأي شيء يتصل بالإلحاد". وكتب الأستاذ الأسكتلندي جورج سنكلير (١٦٨٥) عن "حفنة شاذة من الرجال ممن يشايعون هوبز وسبينوزا، يستخفون بالدين وينتقصون من قدر الأسفار المقدسة". وتحدث سيرجون ايفليف عن "الرسالة اللاهوتية السياسية" بأنها "كتاب مخز، عقبة فاجعة في طريق الباحثين عن الحقيقة المقدسة" أما بركلي (١٧٣٢) فإنه بينما عد سبينوزا من المؤلفين الضعاف الأشرار، قال أنه "زعيم كبير للكفرة الحديثين (١٩٢) ". وفي ١٧٣٩ ارتاع هيوم-وهو من أتباع مذهب اللاأدرية-في حذر من "الفرضية البشعة" التي جاء بها "ذلك الملحد المعروف، سبينوزا الذي ساءت سمعته في كل الأنحاء (١٩٣) ". ولم يصل سبينوزا إلى أذهان الإنجليز إلا عند ظهور الحركة الرومانتيكية عند انصرام القرن الثامن عشر وبداية القرن التاسع عشر، وحينئذ أوحى، أكثر من أي فيلسوف غيره، بالميتافيزيقا العنيفة القوية عند وردزوث وكوليردج وشللي وبيرون. وأقتبس شللي من "الرسالة اللاهوتية السياسية في حواشيه الأصلية في "ملكة الأحلام كوين ساب" وبدأ ترجمة للرسالة، وتعهد بيرون بكتابة مقدمة لها. ووقع جزء من هذه الترجمة في يد ناقد إنجليزي حسبها من تأليف شللي نفسه فقال عنها "تفكير أحد صبية المدارس، فج لا يصلح للنشر إطلاقاً". وترجم جورج اليوت "الأخلاق" بعزيمة صادقة. واعترف جيمس فرود، وماتيو آرنولد بتأثير سبينوزا على تطورهما العقلي، ويبدو أن الدين والفلسفة أثبت كل نتاج الإنسان على مر الزمان. أن بركليز مشهور لأنه عاش زمن سقراط.
أننا نحب سبينوزا بصفة خاصة بين الفلاسفة، لأنه كان كذلك