المونادولوجيا (عناصر الوجود الإلهية)" قد يرجع بعض الفضل فيها لسبينوزا. وأعلن لبينتز يوماً أن شيئاً واحداً في فلسفة سبينوزا أزعجه-نبذ فكرة العلل النهاية أو تدابير العناية الإلهية في عملية الكون (١٨٨). وعندما علت صيحات الاستنكار ضد "الحاد" سبينوزا انضم إليها ليبنتز "حماية لشخصه".
أن لسبينوزا نصيباً متواضعاً، يكاد يكون خفياً، في تنشئة الاستنارة في فرنسا، فإن زعماء الثورة العنيفة استخدموا نقد سبينوزا للكتاب المقدس سلاحاً في حربهم ضد الكنيسة، وأعجبوا بمذهب الجبرية عنده، "وبأخلاقه" القائمة على المذهب الطبيعي، وبرفضه للتدابير في الطبيعة، ولكن حيرتهم مصطلحاته الدينية، والتصوف أو المذهب الباطني البارز في كتاب "الأخلاق"، وقد نتخيل رد الفعل في فولتير أو ديدرو، وفي هلفيشيوس أودى هو لباخ، لعبارات مثل "أن الحب الروحي العقلي لله هو نفس الحب الذي يحب به الله نفسه (١٨٩)".
وكانت الروح الألمانية أكثر استجابة لهذا الجانب من فكر سبينوزا. واستناداً إلى حديث رواه فردريك جاكوبي (١٧٨٠) لم يعترف لسنج بأنه لم يكن طوال سني نضجه متأثراً بسبينوزا فحسب، بل كذلك أنه "لا فلسفة إلا فلسفة سبينوزا (١٩٠)" أن التعادل بين الطبيعة والله، ذلك التعادل القائم على مذهب وحدة الوجود، هو بالتحديد الذي اهتزت طرباً له ألمانيا أثناء الحركة الرومانتيكية بعد أن جرت حركة الاستنارة في عهد فردريك الأكبر مجراها. وكان جاكوبي، بطل "فلسفة الوجدان" الجديدة من بين أوائل المدافعين عن سبينوزا (١٧٨٥) وثمة ألماني رومانتيكي آخر، هو نوفاليس، أطلق على سبينوزا "الثمل بحب الله". وقال هردر بأنه "وجد في رسالة الأخلاق" التوفيق بين الدين والفلسفة. وكتب شليماخر، رجل الدين المتحرر، عن "سبينوزا المقدس المحروم من الكنيس (١٩١)" و "وارتد" جيته الشاب عندما قرأ "الأخلاق" لأول مرة، ومنذ ذلك الوقت غلبت السبينوزية على شعره (غير الجنسي) ونثره. ويرجع بعض الفضل إلى تنسمه جو الهدوء في كتاب "الأخلاق"، في انصرافه عن الرومانتيكية المتطرفة الجامحة عند جوتز فون برليخنجين وآلام فرتر الشاب، إلى الاتزان