للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كان توماسيوس المثير من بين معلميه. وغي سن العشرين تقدم لنيل درجة الدكتوراه في القانون، ولكن جامعة ليبزج رفضت لصغر سنه. ولكنه سرعان ما حصل عليها من جامعة نورمبرج في ألتدورف. وكان لرسالة الدكتوراه التي قدمها هناك دوي كبير إلى حد أنهم عرضوا عليه في الحال منصب الأستاذية، ولكنه أبى محتجاً بأن "في مخيلته أشياء مختلفة"، أن قليلاً جداً من كبار الفلاسفة شغلوا كراسي الجامعة.

ونراه الآن، وهو آمن ميسور الحال من الناحية المادية، حر منطلق من الناحية الفكرية، يغمس يديه في كل الحركات والفلسفات التي كانت تهيج ألمانيا التي بعثت من جديد، وكان قد درس مناهج فلاسفة السكولاسية في ليبزج، واحتفظ بمصطلحاتهم الفنية وكثير من أفكارهم، مثل برهانهم الأونطولوجي (أونطولوجيا: علم الوجود) على وجود الله، وتشرب تعاليم ديكارت تماماً، ولكنه ليجعلها سائغة أضاف إليها شيئاً من الملح من اعتراضات جاسندي ومذهبه الذري. وانتقل إلى هوبز وامتدحه بأنه مدقق. وغازل المذهب المادي (٦). وأقام حيناً من الزمن في نورمبرج (١٦٦٦ - ١٦٦٧) حيث اختبر التصوف أو المذهب الباطني عند أخوة الصليب الوردي "التي كان قد أسسها المشتغلون بالكيمياء القديمة والأطباء ورجال الدين حوالي عام ١٦٥٤، وأصبح سكرتيراً لها، وأخذ ينقب في الكيمياء القديمة، وهو في هذا كثير الشبه بما كان يفعل منافسه اللاحق نيوتن في كمبردج. ولم يترك فكرة إلا جربها واقتبسها. وقبل بلوغه الثانية والعشرين من عمره كان قد كتب عدة رسائل ذات مجال ضيق، ولكنه تفيض بالثقة.

ولفتت إحدى هذه الرسائل "طريقة جديدة لتعليم القانون ودراسته" نظر أحد الدبلوماسيين المقيمين في نورمبرج آنذاك، هو جوهان فون بوينبرج، الذي أشار على المؤلف الشاب بإهدائها إلى الأسقف ناخب مينز، ورتب أن تقدم إليه شخصياً. ونجحت الخطة، وفي ١٦٦٧ التحق ليبنتز بخدمة الناخب، في أول الأمر، مساعداً في مراجعة القوانين، ثم عضواً في المجلس. وبقي في ميبنز خمس سنين اعتاد فيها على رجال الدين واللاهوت والطقوس الكاثوليكية، وبدأ يراوده حلم إعادة توحيد المذاهب المسيحية الممزقة، ومهما يكن من أمر فإن الناخب كان أكثر اهتماماً بلويس الرابع عشر منه بلوثر، لأن الملك