للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المنهوم الذي لا يشبع كان يسير جيوشه إلى الأراضي الوطيئة واللورين، وهي جد ملاصقة لألمانيا، وكان واضحاً أن الملك متلهف على ابتلاع أراضي الراين. فكيف يتسنى وقفه؟

وكان لدى ليبنتز خطة لهذا-وفي الحق خطتان، بلغتا حد البراعة من شاب في الرابعة والعشرين. وكانت الخطة الأولى هي توحيد ولايات ألمانيا الغربية في "اتحاد الراين" للدفاع المتبادل (١٦٧٠). أما الثانية فكانت تعتمد على صرف نظر لويس الرابع عشر عن ألمانيا بإغرائه بالاستيلاء على مصر التي كانت آنذاك تحت حكم الأتراك. وكانت العلاقات آنذاك متوترة بين فرنسا وتركيا. فإذا قدر الملك لويس أن يرسل حملة لفتح مصر (فيسبق بذلك نابليون بمائة وثمانية وعشرين عاماً) فإنه ستكون له السيطرة على التجارة-بما في ذلك تجارة هولندا-التي تمر عبر مصر إلى الشرق، ولأبعد الحرب عن أرض فرنسا، ووضع نهاية لتهديدات تركيا للعالم المسيحي، ولأصبح المنقذ الذي ترنو إليه الأبصار بالتبجيل والإجلال بدلاً من السوط الذي تخشاه أوربا، وكتب بوينبرج بهذا إلى الملك لويس الرابع عشر، وطوى كتابه على مخطط للمشروع بقلم ليبنتز نفسه (١). فدعا سيمون أرنولد دي بومبون وزير الخارجية الفرنسية، ليبنتز (فبراير ١٦٧٢) ليجيء ليعرض المشروع على الملك. وفي مارس شخص رجل الدولة ذو الستة والعشرين ربيعاً إلى باريس.

ولكن القادة أحبطوا مشروع ليبنتز كما دمروا أنفسهم. ذلك أنه لدى وصوله إلى باريس كان لويس قد سوى نزاعه مع الأتراك، وقرر مهاجمة هولندا، وفي ٦ إبريل أعلن الحرب. وأبلغ بومبون ليبنتز أن الحرب الصليبية لم تعد ملائمة لهذا العصر، ورفض السماح له بالمثول بين يدي الملك. فكتب الفيلسوف الذي ظل يراوده الأمل، مذكرة إلى الحكومة الفرنسية، أرسل خلاصة لها "مشروع مصر" إلى بوبنبرج.


(١) قال شبنجلر "ولو كان هذا سابقاً لأوانه، فإن ليبنتز وضع المبدأ الذي تعلق به نابليون بشكل أكثر وضوحاً، بعد وجرام، أي أن أية مكاسب على الراين أو في بلجيكا لن تعمل بصفة دائمة على تحسين موقف فرنسا، وأن عنق السويس لا بد يوماً أن يكون مفتاح السيطرة على العالم (٧).