ولو تم تنفيذ الاقتراح بنجاح، لاستولت فرنسا-لا إنجلترا- على الهند، ولكانت لها السيادة على البحار. وقال الجنرال ماهان:"إن قرار لويس، ذلك القرار الذي أودى بحياة كولبير وقضى على رخاء فرنسا وازدهارها، أحس الناس به جيلاً بعد جيل من خلال نتائجه (٨).
ومات بوينبيرج قبل أن يصله "المشروع". وحزن ليبنتز لفقدان صديق يؤثر المصلحة العامة، غير أناني. ولهذا السبب، من ناحية، لم يعد إلى مينز. أضف إلى ذلك أن التيارات الفكرية في باريس أسرت لبه، حيث وجدها أكثر إثارة من جاذبية تلك التي أحاطت حتى بالناخب المتحرر المستنير. وهناك التقى بإنطوان أرنولد أوف بورث رويال، ومالبرانش، وكريستيان هوجنز، وبوسويه. وجذبه هوجنز إلى الرياضة العالية، وبدأ ليبنتز "حساب اللامتناهيات في الصغر" الذي أفضى به إلى "التفاضل والتكامل".
وفي يناير ١٦٧٣ عبر المانش إلى إنجلترا في بعثة أوفدها ناخب مينز إلى شارل الثاني. وفي لندن تعرف على أولدنبيرج وبويل، وأحس بفتنة العلم المستيقظ. ولما عاد إلى باريس في مارس خصص جزءاً أكبر فأكبر من وقته للرياضيات. واخترع آلة حاسبة أدخلت بعض التحسينات على آلة بسكال، إذ زاد بها على الجمع والطرح، عمليات الضرب والقسمة. وفي إبريل انتخب، غيابياً، عضواً في الجمعية الملكية. وما وافت سنة ١٦٧٥ حتى كان قد أكتشف التفاضل، وسنة ١٦٧٦ حساب المتناهيات في الصغر، كما كان قد بلور طريقته الناجحة في استخدام الرموز. ولم يعد أحد يتهم ليبنتز بأنه انتحل لنفسه وضع "حساب اللامتناهيات في الصغر" بدلاً من نيوتن (٩). والظاهر أن نيوتن أجرى اكتشافه ١٦٦٦، ولكن لم ينشره إلا في ١٦٩٢. ونشر ليبنتز "حساب التفاضل" في ١٦٨٤، و "التكامل" في ١٦٨٦ (١٠) وليس ثمة شك في أن نيوتن كان أول من أكتشف، وأن ليبنتز توصل إلى اكتشافه مستقلاً عنه، وأنه سبق نيوتن إلى نشر الاكتشاف وأن طريقة ليبنتز في "الرموز" ثبت أنها أفضل من طريقة نيوتن (١١).
وقضى أسقف مينز في مارس ١٦٧٣ تاركاً ليبنتز بلا وظيفة رسمية، وسرعان ما وقع اتفاقاً للالتحاق بخدمة دوق روما جون فردريك