صحتها (٢١). إن رغبته الملحة في الوحدة والتوفيق سيطرت على لاهوته. وعلى حين تجنب الوعاظ حاول جاهداً أن يؤلف بينهم. أنه قلل من شأن الفروق السطحية لأن نظرته كانت عميقة. ولو كانت المسيحية شكلاً من أشكال الحكومة، فإن تنوعاتها المذهبية لم تبد له أدوات للتقوى والغيرة والحماسة، بل عقبات في طريق النظام والسلام.
وفي ١٦٧٧ أرسل الإمبراطور ليوبولد الأول كريستوفر روجا دي سبينولا أسقف تينا في كرواتيا، إلى بلاط هانوفر ليقترح على الدوق جون فردريك، وكان مرتداً إلى الكاثوليكية أن ينضم إلى حملة لإعادة توحيد البروتستانت مع روما. وربما كان لهذه الخطة ذيول سياسية: فإن الناخب رغب إذ ذاك في دعم الإمبراطور له، كما أن ليوبولد راوده الأمل في وحدة وروح ألمانيتين أقوى لمواجهة الأتراك. وتنقل سبينولا لفترة من الوقت بين فينينا وهانوفر، وأحرز المشروع تقدماً. وعندما وضع بوسويه في ١٦٨٢ "الإعلان الفاليكاني"(الفاليكانية حركة نشأت في فرنسا تنادي بالاستقلال الإداري للكنائس في البلدان الكاثوليكية عن سيطرة البابا). الذي تحدى فيه رجال الدين الفرنسيون البابا، ربما راود ليبنتز بعض الملل في انضماما فرنسا إلى ألمانيا كثلكة مستقلة عن البابوية إلى حد يخفف من عداء الباروتستانتية للمذهب العتيق وفي ١٦٨٣، عندما كان الأتراك يتقدمون لحصار فيينا، عقد سبينولا في هانوفر مؤتمراً يضم رجال اللاهوت البروتستانت والكاثوليك، وقدم إليهم "قواعد التوحيد الكنسي لكل المسيحيين".
وربما كان من أجل الاجتماع (٢٢) أن ليبنتز كتب، غفلاً من اسمه أغرب الوثائق العديدة التي وجدت بين أوراقه بعد وفاته، وكان عنوانها "منهج لاهوتي"، وفهمت على أنها بيان للمذهب الكاثوليكي يمكن أن تقبله أي بروتستانتي حسن النية. وفي ١٨١٩ نشرها ناشر كاثوليكي دليلاً على أن ليبنتز كان قد ارتد سراً، والأرجح أنها كانت محاولة دبلوماسية لتضييق هوة الخلاف الديني بين الفريقين. ولكن كان للناشر عذره في اعتبار الوثيقة كاثوليكية إلى أبعد حد، واتسم مطلعها بالتجرد أو عدم التحيز لأي من المذهبين في إيجاز: