بعد التماس العون من الله، بالابتهالات والصلوات الطويلة الخاشعة، طارحاً جانباً، قدر ما يطيق الإنسان، كل روح حزبية، ناظراً إلى الخلافات الدينية نظرة رجل قدم من كوكب آخر، تلميذ مبتدئاً متواضعاً، لا يدري شيئاً هن أي من الفرق المختلفة، غير مقيد بأية التزامات، انتهيت بعد دراسة وافية إلى النتائج التي أدونها هنا. لقد قدرت أنه لزام على أن أعتنقها جميعاً لأن الكتاب المقدس والتقليد الديني العريق، وما يفرضه العقل، والشواهد الأكيدة للحقائق، يبدو لي أنها جميعاً تتضافر في إقرارها في ذهن أي إنسان غير متحيز (٢٣).
وتلا ذلك اعتراف بالإيمان بالله، وبالخلق والخطيئة الأصلية، والمطهر، وتحول الخبز والنبيذ إلى جسد المسيح ودمه، ونذور الأديار والتشفع بالقديسين واستخدام البخور والصور الدينية والأردية الكهنوتية وإخضاع الدولة للكنيسة (٢٤). وربما ألقى كرم الكاثوليكية ظلالاً من الشك في الوثيقة، ولكن صحة صدورها من ليبنتز أمر مقبول اليوم بصفة عامة (٢٥)، وربما جاش صدره بالأمل في الحصول على وظيفة ملائمة في بلاط الإمبراطور الكاثوليكي في فيينا بتأييده لوجهة النظر الكاثوليكية على هذا النحو. وأعجب ليبنتز، مثل أي متشكك فاضل، بمنظر الطقوس الكاثوليكية وأنغامها وعبيقها.
وهكذا فإن ألحان الموسيقى، وتناغم الأصوات العذب، وشعر الترانيم وجمال الطقوس الدينية وتلألأ الأضواء، وعبق العطور، والملابس الفاخرة، والأواني المقدسة المزدانة بالأحجار الكريمة، والهدايا الثمينة، والتماثيل واللوحات التي توقظ الشعور الديني، والنتاج المبدع للعبقرية الفنية، .... وجلال المواكب العامة وروعتها، والستائر والأغطية الثمينة التي تزين الطرقات، وموسيقى النواقيس، وصفوة القول كل الهدايا والهبات وعلائم التكريم والإجلال التي يغدقها الناس في سخاء بحكم غرائز التقوى فيهم، كل أولئك، فيما أحسب، لا تثير في ذهن الله من الازدراء ما تريدنا البساطة الصارخة عند بعض