ممتدة من القوة. وعرف الجوهر، لا بأنه مادة، بل طاقة. (إلى هذه النقطة كان مفهوم ليبنتز متفقاً تمام الاتفاق مع فيزياء القرن العشرين)، "المادة" أينما وجدت مشحونة بالحركة والنشاط والحياة. وكل موناد يحس ويدرك، أن له ذهناً أولياً أو بدائياً، بمعنى أنه حساس-ويستجيب-للتغيرات الخارجية.
وقد نفهم المونادات فهماً أفضل إذا فكرنا فيها "بطريقة تشبه الانطباعية التي لدينا عن الأنفس (٥٢) " وكما أن كل نفس "عبارة عن شخص بسيط مستقل (٥٣) "، ذات منعزلة تشق طريقها مناضلة بإرادتها الباطنية ضد كل ما هو خارج عنها، فإن كل موناد كذلك وحيد، مركز قوة منفصل مستقل ضد كل مراكز القوة الأخرى. والحقيقة كون من القوى الفردية، موحد ومنسجم بفضل قوانين الكل أو المجتمع أو الله فقط. وكما أن كل نفس تختلف عن سائر الأنفس، فإن كل موناد كذلك فريد. وليس في الكون بأسره كائنان متشابهان كل الشبه، لأن الفروق بينهما تشكل فرديتهما، أن شيئين لهما نفس الصفات، لا بد أن يكونا واحداً متطابقاً يتعذر تمييزه ("قانون الأشياء التي يتعذر تمييزها") (٥٤) وكما أن كل نفس تحس أو تدرك الحقيقة المحيطة بها، ويقل هذا وذاك وضوحاً كلما كانت الحقيقة بعيدة عنها، ولكنها تشعر بالحقيقة بدرجة ما، فإن كل موناد يشعر بالكون كله، مهما كان الشعور مهوشاً أو غير واع. وهو بهذه الطريقة مرآة تعكس وتمثل العالم بدرجة أو بأخرى من الغموض. وكما أن أي ذهن فردي لا يستطيع بحق أن ينعم النظر في ذهن آخر، فكذلك لا يستطيع موناد واحد أن ينعم النظر في موناد آخر. فليس فيه أية نافذة أو فتحة لمثل هذا الاتصال المباشر، ومن ثم فإنه لا يستطيع مباشرة إحداث أي تغيير في أي موناد آخر.
والمونادات تتغير لأن التغيير أساسي لحياتها-ولكن التغييرات تأتي من كفاحها الداخلي (٥٥). فكما أن كل نفس هي رغبة واردة، فكذلك كل موناد يحتوي على-أو هو-غرض داخلي وإرادة، سعى للنمو والتطور. وتلك هي "الفعلية" التي قال عنها أرسطو بأنها لب كل حياة. وبهذا المعنى (كما كان يقول شوبنهور) فإن القوة والإرادة شكلان أو درجتان من نفس الحقيقة الأساسية (٥٦). وفي الطبيعة غائية