متأصلة: فهناك في كل شيء سعى أو "محاولة" أو "اشتهاء"، أو غرض موجه يحدد قالبه، حتى ولو كان ذاك الغرض أو تلك الإرادة تعمل في حدود القانون الآلي أو عن طريقه. وكما أن الحركة الجسمية فينا هي تعبير مرئي ميكانيكي عن رغبة أو إرادة باطنة، فكذلك في المونادات، فإن العملية الميكانيكية التي نراها من الخارج، هي مجرد الشكل أو الهيكل لقوة داخلية:"وهذا الذي يظهر بشكل آلي أو بالامتداد، في المادة يتركز بشكل دينامي أو فعال، وبشكل عضوي (أو مونادي) في "الفعلية" (أو السعي الداخلي) نفسها (٥٧). ونحن في إدراكنا المشوش المضطرب نعادل الأشياء الخارجة "بالمادة" لأننا نرى آليتها الخارجية فقط، ولا نرى-كما هو الحال في الاستبطان، الحيوية الداخلية ذات الأثر الفعال في التكوين. وفي هذه الفلسفة تفسح الذرات العاجزة غير الفعالة عند الماديين، مكاناً للمونادات أو الوحدات التي هي مراكز حية للفردية والقوة. ولا يعود العالم آلة ميتة ويصبح مسرحاً لحياة نابضة متنوعة.
وأهم المعالم في هذا التنوع هي درجة الوعي في "ذهن" الموناد. فإن لكل المونادات أذهاناً، بمعنى الحساسية والاستجابة، ولكن ليس كل ذهن واعياً. وحتى نحس الكائنات البشرية العجيبة، نمر بعمليات عقلية كثيرة دون وعي، كما هو الحال في الأحلام، أو حين نكون مستغرقين في أشد الانتباه إلى جوانب معينة من موقف ما، فإننا لا نعي أننا ندرك عناصر أخرى كثيرة في هذا المشهد-وهي عناصر قد تكون على أية حال مختزنة في الذاكرة، وقد تدخل إلى أحلامنا، وقد تنبثق من زوايا خفية في الذهن إلى الوعي الذي يحدث فيما بعد، أو حين نكون على وعي بزئير الأمواج المنكسرة على الشاطئ أو هسيسها، فإننا لا نتحقق من أن كل موجة، أو كل جزء صغير من كل موجة، يطرق أذننا ليحدث ألفاً من الآثار الفردية، التي تشكل أو تصبح هي سماعنا للبحر. وعلى ذلك فإن أبسط المونادات تحس وتدرك كل شيء حولها، ولكن بشكل مهوش مضطرب إلى حد اللاوعي. والمشاعر في النبات تصبح أوضح وأكثر تخصصاً وتؤدي إلى استجابات أكثر تحديداً. وفي الموناد، أي نفس الحيوان تصبح المدركات المرددة للصدى ذكريات يولد تفاعلها وعياً. والإنسان عبارة عن مستعمرة من المونادات (الخلايا؟) لكل منها جوعه وحاجياته وأغراضه، ولكن هذه