الجزيئات تصبح جماعة موحدة من كائنات حية بتوجيه من موناد مسيطر، وهو "فعلية" الإنسان ونفسه (٥٨). وإذا ارتفعت النفي إلى مستوى العقل فأنها .... تعتبر ذهناً (٥٩) وتسمو في المرتبة تبعاً لدرجة إدراكها للعلاقات الضرورية والحقائق الباطنية، وعندما تدرك نظام الكون وذهنه تصبح مرآة الله. والله، الموناد الرئيسي، ذهن خالص واع تماماً الوعي، مجرد من كل آلية وجسم (٦٠).
وأشق جانباً في هذه الفلسفة هو نظرية ليبنتز في "التناسق الأزلي". ما هي العلاقة بين حياة الموناد الداخلية، ومظهره الخارجي أو هيكله المادي؟ وكيف نفسر التفاعل في الجسم المادي والذهن الروحي في الإنسان؟ وكان ديكارت قد نسب هذه المسألة عجزاً إلى الغدة الصنوبرية. ورد عليها سبينوزا بإنكار أي انفصال أو تفاعل بين المادة والذهن، حيث كان هذان، في رأيه، مجرد المظهرين الخارجي والداخلي لعملية وحقيقة واحدة. وجدد ليبنتز المشكلة بالقول بأن العمليات الجسمية والعقلية إلى تواطؤ مستمر رتبه الله ترتيباً أزلياً بشكل عجيب:
أن النفس تتبع قوانينها الخاصة بها، وكذلك الجسم يتبع قوانينه الخاصة به، وهي تتلاءم وتتفق بفضل "التناسق الأزلي بين الجواهر، حيث أنها كلها تمثل كوناً واحداً (٦١) .... وتعمل الأجسام كما لو أنه ليس هناك نفوس، وتعمل النفوس كما لو أنه ليس هناك أجسام، ويعمل كلاهما كما لو أنه يؤثر في الآخر .... (٦٢) ويسألونني كيف يحدث أن الله غير راض عن إنتاج كل أفكار وتكيفاتها بغير هذه الأجسام العديمة الفائدة التي لا تستطيع النفس (كما يقولون) أن تحركها أو تعرفها. والجواب سهل: أن إرادة الله هي التي اقتضت أن يكون هناك عدد أكبر، لا عدد أقل، من الجواهر، كما وجد، سبحانه، أنه من الخير أن تقابل هذه التكيفات شيئاً خارجياً (٦٣).
وارتياباً في أن الاستغلال اللطيف للإله بديلاً عن الفكر قد لا يلقى