وكل اللاهوت-وهي حركة نفذت إلى أخفى الأعماق، مدمرة الحزازات القديمة، مبددة الأوهام، معيدة ترتيب .... معرفتنا، مغيرة كل مدى وطبيعة تعاطفاتنا واهتماماتنا وربما كان ضرباً من المحال أن يتم كل هذا لولا انتشار روح عقلانية (١٠٠).
وهكذا من حسن الحظ أو لسوء الحظ، وضع القرن السابع عشر أسس الفكر الحديث. ولقد كانت النهضة مقيدة بالآراء القديمة التقليدية والطقوس الكاثوليكية والفن الكاثوليكي. وكان الإصلاح الديني مرتبطاً بالمسيحية البدائية وعقيدة العصور الوسطى. أما هذه الحقبة الغنية الحاسمة، من جاليليو إلى نيوتن، ومن ديكارت إلى بيل، ومن بيكون إلى لوك، فقد ولت وجهها شطراً مستقبل غير معلوم بشر بكل أخطار الحرية، وهي حقبة استحقت ربما حتى أكثر من القرن الثامن عشر أن تسمى "عصر العقل، لأنها على الرغم من أن المفكرين فيها ظلوا أقلية ضئيلة، فإنهم أظهروا اعتدالاً أحكم، وسبراً أعمق لأغوار العقل والحرية، وما يكتنفهما من مشاق، من أبطال الاستنارة الفرنسية الذين فك وثاقهم. ومهما يكن من أمر فإن المسرحية الكبرى في التاريخ الحديث، كانت قد مثلت فصلها الثاني، وقاربت نهايتها.