وخصص لها آنذاك مسكناً قريباً من مسكن الملك، فعاشت في قصر فرساي في بساطة برجوازية تقريباً. "كانت حياة البلاط تضايقها، ولم تجد لذة في التباهي والتفاخر (١) ". ولم تجمع ثروة، وحتى في قمة سعود نجمها لم تكن تملك إلا القليل إلى جانب قصر مينتنون الذي تركته غير مؤثث ولم يستخدم. ويقال أن لويس، في أعوامها الأخيرة، قال لها يوماً "ولكنك يا سيدتي لا تملكين شيئاً، وإذا ما مت فستكونين فقيرة خاوية الوفاض، خبريني ماذا يمكن أن أفعل من أجلك؟ ". فطلبت بعض الامتيازات والرعاية المتواضعة لذوي قرباها، ومبالغ كبيرة من المال لمشروعها الأثير لديها: الكلية التي أسست ١٦٨٦ في سان سير لبنات الأسرات الكريمة اللاتي أفنى عليها الدهر. ولم يكن خيلاؤها بل خيلاء الملك هو الذي جند الرجال وخصص الأموال لقناة الماء التي لم يتم بناؤها، والتي حملت أسمها.
وكانت دي مينتنون، من نواح كثيرة، زوجة صالحة. وكان شغلها الشاغل في يوم حافل أن تقف حائلاً بين الملك وبين العالم، وأن تحافظ على السلام والهدوء، وسط أطماع أفراد البلاط ودسائسهم، وتلاطف سرباً من الطامعين في المناصب، وتعمل خالة عطوفة لحفدة زوجها، وتفي بمتطلباتهم بوصفه رجلاً، وتواسيه في إخفاقه وهزائمه. وترفه "عن الرجل الذي من أصعب الصعب الترفيه عنه في مملكة بأسرها (٣) "، وتخلق جواً من الهدوء المنزلي، في حياة كان لزاماً في كل ساعة تقريباً أن تتخذ فيها قرارات يتأثر بها مليون حياة. وفي أوراقها الخاصة التي وجدت بعد وفاتها، عثر على هذا الدعاء، وظاهر أنه كتب فور زواجها:
يا إلهي، لقد بوأتني هذا المكان الذي أنا فيه الآن، وإني لأترك نفسي رهن تدبيرك وعنايتك دون قيد أو شرط، امنحني النعمة الإلهية، حتى أستطيع، كمسيحية، أن أحتمل الآلام، وأقدس المسرة، والتمس في كل شيء مجدك، و .... أعاون على خلاص الملك، وحل بيني وبين الاستسلام لتهيجات ذهن قلق. ولتكن مشيئتك يا إلهي، مشيئتي، فإن السعادة كل السعادة، في هذه الدنيا وفي الآخرة هي موضوع لمشيئتك أنت دون تحفظ.