اغمر نفسي بهذه الحكمة، وبسائر الهبات الروحية اللازمة لتلك المنزلة العالية التي وضعتني فيها. ولتجعلها مثمرة تلك القدرات التي طاب لك أن تمنحني إياها. يا إلهي، أنت يا من تمسك بين يديك قلوب الملوك، افتح قلب الملك حتى أصب فيه من الخير ما تشاء أنت سبحانك. أوعزني أن أسعده وأسره وأواسيه وأشجعه، بل حتى أن أزعجه وأحلب عليه الحزن إذا اقتضى الأمر تمجيداً لك. هيئ لي ألا أخفي عنه شيئاً يجدر أن يعلمه مني، مما لا يجد الآخرون في أنفسهم الشجاعة ليبلغوه إياه. هيئ لي أن أنقذ نفسي وأنقذه معي، وأن أحبه فيك ومن أجلك يا إلهي. وهيئ له أن يحبني بنفس الطريقة. هب لنا أن نسير معاً في ملكوتك دون لوم أو خزي حتى يوم قدومك (٤).
وهذا الدعاء جميل قدر جمال أية رسالة من ألواز إلى أبيلارد، ونأمل أن يكون أصح وأصدق. ومثل هذا الدعاء يمكن أن يمنح القوة، بصرف النظر عن أية استجابة خارجية، وربما كانت ثمة إرادة خفية للسيطرة والسلطة في ثنايا الرغبة في إصلاح الآخرين وهدايتهم، ولكن السنوات الباقية من عمر مينتنون أثبتت أصدق تقواها وضيق أفق هذه التقوى معاً. يقول سان سيمون "لقد وجدت ملكاً يعتقد في نفسه أنه رسول أو حواري لأنه طيلة حياته يضطهد الجانسينة .... وهذا أوحى إليها بنوع الحب الذي تبذر به الحقل لتجني أعظم حصاد (٥) ". (عرفت من أين تؤكل الكتف).
هو شجعت مينتنون على اضطهاد الهيجونوت؟ وهكذا يظن سان سيمون (٦)، ولكن التحقيقات اللاحقة تميل إلى تبرئتها من هذه الوحشية التي كان بطلها عدوها اللدود لوفوا. ورأى فيها لورد أكتون، وهو مؤرخ كاثوليكي، نادراً ما كان مناصراً للكاثوليكية:
أعظم امرأة ثقافة وتفكيراً وإدراكاً. وكانت بروتستانتية من قبل. واحتفظت لأمد طويل بحماسة المرتدة وغيرتها. وكانت تعارض الجانسنية معارضة شديدة، وكانت تحظى بثقة أفاضل رجال الدين إلى حد كبير، وساد