من شأنك ويزيدوا من سلطانك إلى أقصى حد، لأن هذه السلطة كانت في أيديهم. ولم يرتفع صوت بالكلام عن الدولة وقوانينها، بل تحدث الجميع عن الملك ووسائل إرضائه. وزادوا في مواردك وفي نفقاتك بغير حدود، أنهم رفعوك إلى السماءين حتى تمحو، كما يقولوا، آثار عظمة أسلافك مجتمعين. ولكنهم في الواقع أفقروا فرنسا بأسرها، ليمتعوا البلاط بترف رهيب لا شفاء منه. أن هؤلاء الوزراء أرادوا أن يرفعوك على أنقاض كل طبقة في الدولة، وكأنما يمكن أن تكون عظيماً حين تدمر كل رعاياك الذين يعتمد عليهم مجدك وعظمتك. إنك حقاً حريص على الاحتفاظ بسلطانك .. ولكن الواقع أن كل وزير سيد متصرف في نطاق اختصاصه، وكانوا قساة متغطرسين ظالمين غلاظاً ضعيفي الإيمان. ولم يعرفوا في الشئون الداخلية والخارجية إلا مبدأ واحداً، هو التهديد والوعيد، أو القضاء على كل ما يقف في طريقهم وتدميره. لقد عودوك على أن تتلقى دوماً أعظم المدح والثناء، مما يقارب عبادة الأوثان تأليهاً لك، ما كان يجدر بك أن تأباه سخطاً وازدراء، من أجل شرفك وكرامتك أنت. ولقد جعلوا اسمك كريهاً بغيضاً. والأمة الفرنسية بأسرها غير محتملة لدى الشعوب المجاورة. ولم يحتفظوا بأي من حلفائك القدامى، لأنهم لم يريدوا إلا عبيداً أرقاء. وكانوا طيلة عشرين عاماً، سبباً للحروب الدامية-التي لم يكن من دافع لها إلا المجد والانتقام .... أن كل التوسع الذي أتت به الحروب كان غصباً وظلماً. أنك أردت دوماً أن تملي الصلح وتفرض الشروط، بدلاً من تسوية الأمور في شيء من الاعتدال. وهذا هو السبب الذي من أجله لم يدم أي صلح طويلاً. ولم يكن أعداؤك الذين هزمتهم ولطختهم بالعار والخزي، يفكرون إلا في شيء واحد، هو أن ينهضوا من جديد، ويوحدوا أنفسهم ضدك. هل في هذا ما يدهش؟ أنك لم تتمهل قط في نطاق شروط الصلح التي أمليتها في زهو وخيلاء، وفي زمن السلم قمت بحروب وفتوحات هائلة .. ومثل هذا التصرف