وفي نفس الوقت، فإن شعبك الذي كان يجدر بك أن تحبه حبك لأبنائك، والذي ظل حتى هذه اللحظة مخلصاً لك، يموت جوعاً. لقد تخلوا تقريباً عن زراعة الأرض. وهبط عدد السكان في المدن والريف، وانحطت الصناعة فلم تعد تفي بحاجيات العمال. وانهارت التجارة بأسرها. إنك استنزفت نصف ثروة الأمة وحيويتها للقيام بفتوحات عقيمة في الخارج والدفاع عنها. أن كل فرنسا عبارة عن مستشفى ضخم مقفر بائس تنقصه المؤن. والحكام مرهقون محتقرون، وتتزايد الثورات الشعبية التي لم نعهدها منذ زمن طويل، ولا يستثنى من ذلك باريس القريبة منك جداً. ولزام على موظفيها أن يحتملوا وقاحة العصاة والثائرين. وينثروا عليهم الأموال ليهدئوا من روعهم. لقد انحط بك الحال إلى النتيجة المؤسفة المخزية، وهي التراخي في عقاب الفتن، وبذلك تتفاقم، أو قتل أناسي بلا شفقة ولا رحمة، زرعت أنت في قلوبهم اليأس، حين اختطفت من أفواههم، بفعل ضريبة الحرب، الخبز الذي كدحوا للحصول عليه بعرق الجبين ....
لقد كان سيف الله مسلطاً فوق رأسك منذ أمد طويل، ولكنه سبحانه تمهل في أن يهوي به عليك، لأنه يرثي لأمير أحيط طيلة حياته بمتملقين أذلاء، وكذلك لأن أعداءك هم أعداؤه .... أنك لا تحب الله، ولكنك تخافه فقط، خوفاً حقيراً من قبيل التقليد والمحاكاة. ولا تقوم ديانتك إلا على الخرافات، وعلى بعض طقوس تافها سطحية … إنك لا تحب إلا عظمتك ومكاسبك، وترد كل شيء إلى ذاتك، وكأنما أنت إله هذه الأرض، وكأنما خلقت كل الأشياء للتضحية بها من أجلك. ولكن الأمر على النقيض من ذلك، فإن الله قد أقامك في هذه الدنيا من أجل شعبك ....