تنظيم جيشه الصعب الانقياد، وتقدم فيللار للاستيلاء على دواي ولي كزنوي، وبوشان، وتشجع لويس وفرنسا، لأن هذه كانت الانتصارات الفرنسية الوحيدة على الجبهة الشمالية، ولكنها، بالإضافة إلى انتصارات فندوم في أسبانيا أضفت قوة جديدة على المفاوضين الفرنسيين في أوترخت.
وبعد خمسة عشر شهراً من المراسم والشكليات والمناقشات، وقع أطراف النزاع، فيما عدا الإمبراطور، صلح أوترخت (١١ إبريل ١٧١٣) وتنازلت فرنسا لبريطانيا عن كل ما وعدت به من قبل في المفاوضات التمهيدية، بما في ذلك احتكار تجارة الرقيق الرائجة، التي تعتبر وصمة عار ذلك العصر. وقدم العدوان القديمان تنازلات متبادلة عن رسوم الواردات، وأعاد الهولنديون لفرنسا ليل واير وبيتون، ولكنهم احتفظوا بالسيادة على كل الأراضي الوطيئة حتى يتم عقد الصلح مع الإمبراطورية، على حين يستولي ناخب بافاريا على شارلروا ولكسمبرج ونامور، وأعيدت نامور إلى دوق سافوي. واحتفظ فيليب الخامس بأسبانيا وأمريكا الأسبانية. ورفض ثم عاد فوافق (١٣ يوليه) على التخلي عن جبل طارق ومينو رقة لإنجلترا. وواصل يوجين سافوي القتال ضد البريطانيين لشعوره بالمرارة نحوهم لتوقيعهم صلحاً منفرداً. ولكن خزانة الإمبراطورية أصبحت خاوية، ونقص جيشه إلى ٤٠ ألفاً، على حين كان فيللار يتقدم نحوه بمائة وعشرين ألفاً. وأخيراً قبل دعوة لويس الرابع عشر له للقاء فيللار لوضع شروط للصلح. وبمقتضى معاهدة راستات (٦ مارس ١٧١٤) احتفظت فرنسا بالألزاس وستراسبورج، ولكنها أعادت إلى الإمبراطورية كل الفتوحات الفرنسية على الضفة اليمنى لنهر الراين، واعترفت بحلول النمسا محل أسبانيا في حكم إيطاليا وبلجيكا.
وبذلك حققت معاهدتا أوترخت وراستات أكثر قليلاً مما كان يمكن أن تحققه الدبلوماسية بالوسائل السلمية في ١٧٠١. وبعد ثلاثة عشر عاماً من القتل والإبادة والفقر والتخريب. ثبتت هاتان المعاهدتان خريطة أوربا لمدة ستة وعشرين عاماً، كما ثبتتها معاهدات وستفاليا لمدة جيل واحد بعد حرب الثلاثين عاماً. وكانت المهمة في كلتا الحالتين إقامة توازن القوى بين أسرتي هبسبرج والبوربون. وقد تم هذا بالفعل. وقام شبيه لهذا التوازن بين فرنسا وإنجلترا في أمريكا واستمر حتى نشوب حرب