للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الخشنة الواقعية النزعة. وكان تعليم الفتى قد نيط بأب ديني تصفه "مذكرات" سان-سيمون، كما تصفه "المذكرات السرية لفترة الوصاية" "لدكلو" بأنه "بالوعة نتنة" من الرذائل. فلقد كان جيوم دبوا هذا ابناً لصيدلاني إقليمي، بذل جهداً كثيراً في الدرس، وكسب قوته بالاشتغال مدرساً خصوصياً، وتزوج، ثم ترك زوجته برضاها ليلتحق بكلية سان-ميشيل بباريس، حيث كان يدفع نفقات تعليمه بأداء الأعمال الحقيرة بهمة لا تفتر. فلما تخرج قبل وظيفة مساعد لسان-لوران، ضابط بيت "المسيو" وجز شعر أسه ليترهب، ورسم كاهناً صغيراً، ناسياً فيما يبدو زوجته. فلما مات سان-لوران عين دبوا مدرساً خصوصياً للوصي المستقبل. يقول دكلو-الذي قل أن توخى النزاهة وعدم التحامل "أن الأبيه أحس أن تلميذه سيحتقره عما قليل ما لم يفسد أخلاقه، فلم يدخر وسعاً في تحقيق هذا الهدف، وأفلح في هذا فوق ما دبر لسوء الحظ (١٠) ". أما سان-سيمون الذي كان يكره الموهبة المجردة من عراقة الأصل، فكان يجد متعة في وصف دبوا، قال فيه:

"رجل قصير القامة، حقير الهيئة، ذابل الوجه، مخلوع القلب، يلبس باروكة صفراء باهتة، له وجه عرسة يضيئه بعض الذكاء. لقد كان-في كلمتين مألوفتين-وغدا أصيلاً. اصطرعت في داخله دون هوادة كل الرذائل لتظفر بالسيادة، حتى ملأ ذهنه الضجيج المتصل-آلهته الحرص والفجور والطمع، ووسائله الغدر والملق والتذلل، ودينه الفسوق المطلق، ورأيه الذي كان به كأنه المبدأ العظيم هو أن الاستقامة والأمانة من الأوهام التي يتجمل بها الناس دون أن يكون لها وجود … كان فيه ذكاء، وعلم ودراية بشئون الدنيا، ورغبة شديدة في إرضاء الناس والتودد إليهم، ولكن هذا كله أفسدته رائحة كذب وزيف انبعثت رغم إرادته من مسام جسده كلها … شرير … خائن، عاق، خبير بأخبث الخبائث، صفيق أشد الصفاقة حين يكشف أمره. يشتهي كل شيء، ويحسد كل شيء، ويود أن يظفر بكل شيء (١١) ".

وكان سان-سيمون وثيق الصلة بأسرة فيليب، وعلينا ألا نتعجل