للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نيويورك). وتجمع فيه المشترون والبائعون من جميع الطبقات، والدوقات والمومسات، والباريسيون والريفيون والأجانب، في أعداد مطردة وانفعال اشتد يوماً بعد يوم. ومات البعض تحت الأقدام وسط الزحام، أو داستهم مركبات النبلاء. وكان المريشال الشيخ "دفيلار" يمر بالمكان راكباً، فتوقف ليحاضر الجمع المحتشد عن جشعه المفرط. وكانت الأكشاك الصغيرة المقامة في هذا الزقاق تغل كل شهر إيجاراً أكثر مما تغله البيوت في عشرين عاماً. وشكا السكان من شدة الضجيج الذي لا يحتمل. ومع ذلك لم يتوقف المشترون عن المزايدة بأصوات مرتفعة، وكان سعر السهم يزداد كل يوم تقريباً، بل أحياناً كل ساعة، فبيع بعض الأسهم في نهاية عام ١٧١٩ بمبلغ ١٢. ٠٠٠ جنيه، وبلغت القيمة السوقية لكل الأسهم المعروضة آنئذ ثمانين ضعف قيمة كل الذهب والفضة المعروفين في فرنسا (٢٠). وإذ كان المطلوب دفعه من ثمن السهم لا يتجاوز العشرة في المائة من قيمته الاسمية، فإن نقل الأسهم من مالك لآخر كان سريعاً، وحقق البعض ثروات في يوم واحد. فكسب مصرف ١٠٠ مليون جنيه، وخادم في فندق ثلاثين مليوناً (٢١). وسمع الناس لأول مرة كلمة "المليونير (٢٢) ".

وكان لو رجل الساعة. ففي ١٧٢٠ عين مراقباً عاماً للمالية. وكان أساطين النبلاء والنبيلات يذرعن حجرة انتظاره ملتمسين نصحه في شئون المال أو تأييده في دسائس البلاط. وقد كتب فولتير مستعيداً ذكرى ذلك العهد فقال "رأيته يعيني يخترق أبهاء الباليه-رويال ومن ورائه الأدواق والأشراف-ومارشيلات فرسا، وأساقفة الكنيسة (٢٣) ". وقبلت إحدى الدوقات يده في تذلل.

بيد أنه لم يبد عليه أن انتصار أفكاره الظاهرة أفسده، أو أن استفحال سلطانه الشخصي أطغاه، والواقع أنه ربع للقيمة المفرطة التي أوصل جشع الجمهور أسهم الشركة إليها (٢٤). ولم يستغل مركزه ليثرى. وقد صرح سان-سيمون، الذي كان يعارض هذا "النظام" بقوله:

"لم يكن في طبعه جشع ولا لؤم. فلقد كان رجلاً رقيقاً طيباً