للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأب الذي لا يتصف بصفات الأبوة لا يسميه الناس أباً، وإذا كان الابن العاق لا يسميه الناس ابناً؛ إذا كان هذا كله فإن الناس قد يجدون في "تزه- لو" ما يحفزهم إلى إصلاح تلك العيوب التي طالما غطتها الألفاظ. ولهذا فإنه لما قال لكنفوشيوس: "إن أمير ويه في انتظارك لكي تشترك معه في حكم البلاد فما هو في رأيك أول شيء ينبغي عمله؟ فأجابه كنفوشيوس جوابا دهش له الأمير والتلميذ: "إن الذي لا بد منه أن تصحح الأسماء" (٩٨).

ولما كانت النزعة المسيطرة على كنفوشيوس هي تطبيق مبادئ الفلسفة على السلوك وعلى الحكم فقد كان يتجنب البحث فيما وراء الطبيعة، ويحاول أن يصرف عقول أتباعه عن كل الأمور الغامضة أو الأمور السماوية. صحيح أن ذكر "السماء" والصلاة (٩٩) كان َيرِدْ على لسانه أحياناً، وأنه كان ينصح أتباعه بألا يغفلوا عن الطقوس والمراسم التقليدية في عبادة الأسلاف والقرابين القومية (١٠٠)، ولكنه كان إذا وجه إليه سؤال في أمور الدين أجاب إجابة سلبية جعلت شرّاح آرائه المحدثين يجمعون على أن يضموه إلى طائفة اللا أدريين (١٠١). فلما أن سأله تزه- كونج، مثلا: "هل لدى الأموات علم بشيء أو هل هم بغير علم؟ " أبى أن يجيب جواباً صريحاً (١٠٢). ولما سأله كي -لو، عن "خدمة الأرواح" (أرواح الموتى) أجابه "إذا كنت عاجزاً عن خدمة الناس فكيف تستطيع أن تخدم أرواحهم؟ ". وسأله كي- لو: "هل أجرؤ على أن أسألك عن الموت؟ " فأجابه: "إذا كنت لا تعرف الحياة، فكيف يتسنى لك أن تعرف شيئاً عن الموت" (١٠٣). ولما سأله فارشي عن "ماهية الحكمة" قال له: "إذا حرصت على أداء واجبك نحو الناس، وبعدت كل البعد عن الكائنات الروحية مع احترامك إياها أمكن أن تسمي هذه حكمة" (١٠٤).

ويقول لنا تلاميذه إن "الموضوعات التي لم يكن المعلم يخوض فيها هي الأشياء