في الفراش (٦٣)، وأمر بأن توصد أبوابه في وجهها. ثم نهضت من كبوتها تلك وغزت قلب دبوا. وسنلتقي بها مرة أخرى.
وفي وسط هذا التقلب الأخلاقي السريع واصلت بعض نساء باريس تلك الفضيلة الفرسية الميزة، فضيلة الجمع بين أصحاب الألقاب، والذكاء، والجمال، في الصالونات. وكان أكثر المجتمعات تهذيباً في العاصمة يلتئم شمله في مبنى الأوتيل دصلي الرائع العمارة، هناك كان يحضر الساسة والماليون والشعراء-فونتنيل في ستيناته الصامتة، وفولتير في عشريناته المندفعة. وكانت جماعة أكثر جذلاً تجتمع في الأوتيل دبويون، الذي خلده لساج في لحظة غضب، ذلك أنه دعى هناك ليقرأ مسرحيته "توكاريه"، فوصل متأخراً، فوبخته الدوقة في خيلاء قائلة "لقد ضيعت علينا ساعة"، فأجاب "سأجعلكم تكسبون ضعفي هذا الوقت" ثم غادر المنزل (٦٤). وقد مر بنا من قبل صالون مدام دمين في سو، وكانت مرجريت جان كوردييه دلونيه، التي ستصبح البارونة دستال فيما بعد، تخدم الدوقة وصيفة شرف، وقد كتبت "مذكرات" بارعة (نشرت في ١٧٥٥) تصف المهازل، والنزوات، والمهرجانات الليلية، والحفلات التنكرية التي لم تترك مكاناً يذكر للأحاديث التي تخللت "ملاهي سو".
ولكن الحديث كان يغلب على الصالون الذي أدارته آن تيريز دكورسيل، ماركيزة دلامبير، في الأوتيل دنفير (وتشغله اليوم المكتبة الأهلية). وقد واصلت هذه المرأة الغنية الصارمة، خلال عصر الوصاية الصاخب، تلك العادات الرزينة الجليلة التي سادت سنوات لويس الرابع عشر الأخيرة. فلم تشجع لعب الورق، ولا الشطرنج، ولا حتى الموسيقى، بل كانت بجملتها نصيراً للفكر. وقد أولعت، كالمركيزة دشاتليه، بالعلم والفلسفة، وكانت أحياناً (كما يقول فولتير) تتكلم فوق ما يفقهه رأسها، ولكن الرأس كان جميلاً يحمل لقباً نبيلاً، ويحرك مشاعر أي ميتافيزيقي، وكانت في كل ثلاثاء تستضيف العلماء والنبلاء، وفي كل أربعاء الكتاب والفنانين والأدباء ومنهم فونتنيل ومونتسكيو وماريفو. وفي اجتماعاتها تلك كان العلماء يلقون المحاضرات والمؤلفون يقرءون ما يزمعون إصداره من كتب، والشهرة الأدبية