للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

"رأيت الباستيل وألف سجن آخر مملوءة بمواطنين شجعان ورعايا أوفياء. رأيت الناس أشقياء يرسفون في عبودية قاسية. رأيت الجند يهلكون جوعاً، وعطشاً … وسخطاً، رأيت شيطاناً في زي امرأة … يحكم المملكة … رأيت البور-رويال وقد هدم … رأيت -وهذا ينتظم كل ما رأيت-يسوعياً يعبد … رأيت كل هذه الشرور، وأنا لم أجاوز العشرين بعد (٩٥) ".

وواضح أن هذه الأبيات كانت تعرض بلويس الرابع عشر ومدام دمانتنون، ولا بد أن كاتبها عدو جانسني لليسوعيين لا شاك مستهتر لا يزال يحتفظ ببعض الحب في قلبه لجماعة اليسوعيين. أما الكاتب الحقيقي فهو أ. ل. لبورن، الذي التمس بعد ذلك الصفح من فولتير لأنه تركه يتحمل تبعة كتاباتها (٩٦). ولكن السن المتقولين امتدحت آرويه على القصيدة، وألحت عليه الجماعات الأدبية في إلقائها، ولم يصدق أحد إنكاره تأليفها (إلا صاحبها). واتهمته الشائعات التي نقلت إلى الوصي بكتابة عبارة لاتينية-وبحق فيما يبدو-فضلاً عن قصيدة "رأيت" المذكورة، ومطلعها Puero regnante.. .. يقول كاتبها ما ترجمته "صبي (لويس الخامس عشر) يملك، ورجل مشهور بتسميم خصومه وغشيان المحارم يحكم، .. .. وثقة الشعب تنتهك (إفلاس مصرف لو) .. .. والبلاد يضحي بها طمعاً في تاج، وميراث-يعجل ميقاته بخسه، وفرنسا على شفا الدمار (٩٧) ". وفي ١٦ مايو ١٧١٧ أمر خطاب ملكي مختوم بأن "يقبض على السيد آرويه ويودع الباستيل". وفوجئ الشاعر في مسكنه، ولم يسمح له بأن يأخذ غير الثياب التي يرتديها.

ولم يتسع وقته لوداع خليلته آنذاك، واسمها سوزان دليفريه، واتخذ صديقه لفيفر دجنونفيل مكانه على صدرها، واغتفر لها آرويه خيانتهما في تفلسف-"علينا أن نحتمل هذه التواقه (٩٨) " وبعد سنوات مات لفيفر فنظم فولتير في ذكراه أبياتاً تبين موهبة الثائر الشاب في قرض الشعر الجميل، والعواطف الرقيقة التي كانت دائماً أعمق في نفسه من الشكوك: "إنه يتذكرك، أنت والجميلة إيجيري (سوزان) في أيام حياتنا الحلوة، حين كنا ثلاثتنا يحب بعضنا بعضاً. فالفكر