بتوريد مؤن وذخائر للجيش (١٠٥)". وكان بطلنا من استغلاليي الحرب. وظل بعيداً عن "نظام" لو، واستثمر ثروته بحكمة، وأقرض النقود بالربا. وفي ١٧٢٢ مات أبوه، واحتكم فولتير إلى القضاء في أمر الوراثة وثابر على دعواه بعزيمة ماضية، ففاز بوراثة دخل سنوي قدره ٤. ٢٥٠فرنكاً. وفي تلك السنة ذاتها أجرى عليه الوصي معاشاً قدره ٢. ٠٠٠ جنيه، وغدا الآن رجلاً موسراً. وعما قليل سيصبح مليونيراً، وعلينا ألا نفكر فيه ثائراً، إلا فيما يتصل بالدين.
وقد أعن على تربيته وتهذيبه سقوط مسرحيته الثانية-آرتمير- (١٥ فبراير ١٧٢٠). فجرى من مقصورته إلى خشية المسرح وناقش النظارة في مزايا المسرحية، وصفقوا لخطابه ولكنهم ظلوا على استنكارهم لها، وبعد أن مثلت ثماني مرات سحبها من المسرح، وفي تاريخ لاحق من تلك السنة قرأ قسماً من "الهنريادة" على نفر في اجتماع، ووجه إليها بعض النقد، وبحركة فرجيلية ألقى بالمخطوطة في النار، وخطف اينو الأوراق من اللهب، وشبه نفسه بأوغسطس وهو يستنقذ إنيادة فرجيل، وقال أن فولتير مدين له الآن بملحمة و "طوقي كم لطيفين (١٠٦)". واستعاد الشاعر كبرياءه في غير مشقة حين استمع الوصي نفسه إلى قراءة من القصيدة. وكان حيثما ذهب يقرأ جزء منها. وفي ١٧٢٣ زار اللورد بولنبروك وزوجته الفرنسية في فللتهما، لاسورس قرب أورليان، فأكدا له أن ملحمته تبز "جميع الأعمال الشعرية التي صدرت في فرنسا (١٠٧)". وتظاهر بأنه يشك في صدق هذا الزعم.
وتبادل خلال ذلك الفلسفات مع ذلك الشال النبيل، وسمع بالربوبيين الذين يكدرون صفو المسيحية في بريطانيا. وخامرته الظنون بأن إنجلترا سبقت فرنسا في العلم والفلسفة. ولكنه كان قد انتهى إلى هرطقات بولنبروك قبل أن يلتقي به أو يقرأ للربوبيين الإنجليز. وفي ١٧٢٢ قبل دعوة من الكونتيسة ماري دروبلموند بأن يصحبها إلى الأراضي المنخفضة. وكانت أرملة في الثامنة والثلاثين، من نساء الفكر، ولكنها جميلة، وقد قبل دعوتها وهو في الثامنة والعشرين. وفي بروكسل التقى بشاعر منافس يدعى جان باتيست روسو، أثنى على "أوديب" ولكنه وبخ فولتير على استهتاره الديني.