الثالثة، واللفت في الرابعة. ثم جاء بالأغنام لتأكل اللفت أو تدوس عليه فتدفعه داخل الأرض بينما يخصب روثها التربة، وبذلك أعدت الأرض لمحصول وفير من القمح في السنة الثانية. وسخر منه جيرانه، وأطلقوا عليه لقباً هو "تيرنب تاونشند"(أي تاونشند اللفت)، إلى أن حملهم على تقليده زيادة في محاصيله بلغت ٣٠%. وإذ كان تاونشند فيكونتا، فقد حذا حذوه نفر آخر من الطبقة الأرستقراطية في تحسين أرضهم، وشاع بين أشراف الإنجليز أن يهتم الواحد منهم اهتماماً شخصياً بالزراعة، وانتقل حيث الضياع من الصيد والكلاب إلى اللفت والسماد (٤).
وكان جثرو تل محامياً، اعتلت صحته فعاد مزرعة أبيه، واستهوت ذهنه المرهف معجزة النماء وأرباح الزرع، ولكن صدمه ما رأي من طرق الفلاحة المسرفة، - فالمزارعون ينثرون تسعة أو عشرة أرطال من البذار على الفدان بإهمال شديد يترك "ثلثي الأرض خالية من الزرع، في تكتظ البذار في الباقي اكتظاظاً يمنع الزرع من أن يزكو (٥) ". ودرس أساليب الزراعة أثناء رحلاته في فرنسا وإيطاليا، فلما عاد إلى وطنه اشترى مزرعة، وأذهل جيرانه بمخترعات ضاعفت من الإنتاج. وقد بدأ (حوالي ١٧٣٠) بصنع محراث ذي أربعة قواطع يقتلع الحشائش ويدفنها في التربة بدلاً من مجرد إزاحتها جانباً. ولكن أكثر مخترعاته حسماً (حوالي ١٧٣٣) كان آلة حفر تجرها الخيل، تنثر الحب خلال أنابيب مسننة على مسافات وأعماق معينة في خطين متوازيين، ثم تغطي الحب بمسحاة متصلة بالحفار. ووفرت الآلة الحب والعمال، وأتاحت زرع التربة المحصورة بين الخطين المبذورين وتهويتها وريها وتنقيتها من الحشائش. وقد شارك هذا التغير في بذر الحب، الذي يبدو تافهاً، وتحسين المحراث، في أحداث ما سمي بعد ذلك بالثورة الزراعية، التي يمكن أن تقاس نتائجها (حتى مع أخذ التضخم في حسابنا) بارتفاع قيمة الأراضي التي استخدمت فيها الوسائل الجديدة عشر أضعاف خلال القرن الثامن عشر. ومكنت الزيادة في إنتاجية التربة المزارع من أن تطعم المزيد من الصناع في المدن، وأتاحت ذلك العدد النامي من سكان المدن، الذي لولاه لاستحالت الثورة الصناعية.