للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على أنه لا الفلاحون ولا عمال المدن كان لهم نصيب من الثروة النامية. فالملاك الفلاحون أمكن ضغطهم والتخلص منهم بالمنافسة الواسعة النطاق، والعمال الفلاحون تقاضوا من الأجور البخسة القدر الضئيل الذي أكرههم خوف التعطل على قبوله. فلنستمع إلى ما يقوله العلامة الرفيع المقام تريفيليان:

"كان الثمن الاجتماعي الذي دفع النظير الكسب الاقتصادي هو تناقص عدد الزراع المستقلين، وازدياد عدد العمال الذين لا يملكون أرضاً، وكان هذا إلى حد كبير شراً لا بد منه، ولو وزع الربح الزائد الذي حققته دنيا الزراعة توزيعاً عادلاً لخف الضرر. ولكن بينما ارتفع إيجار المالك، وعشور القسيس، وأرباح المزارع المالك والوسيط ارتفاعاً سريعاً، فإن فاعل الحق، الذي حرم حقوقه الصغيرة في الأرض المشاع وحقوق أسرته بتشغيلها في الصناعة إلى جانب الزراعة، لم يجز الجزاء الواجب بأجر أعلى، وكثيراً ما انحدر في المقاطعات الجنوبية إلى درك التبعية والفاقة (٦) ".

ومما خفف إلى حد ما من التركز الطبيعي للثروة دفع الضرائب والإحسان المنتظم. ذلك أن أغنياء الإنجليز، بعكس النبلاء الفرنسيين كانوا يدفعون النصيب الأكبر من الضرائب التي أعالت الحكومة. فقد ألزمت "قوانين إعانة الفقراء" التي بدأت في ١٥٣٦ كل أبرشية بإنقاذ الأشخاص الذين في خطر الموت جوعاً. وكان المتعطلون من القادرين صحياً يرسلون إلى الإصلاحيات، والعجزة إلى الملاجئ، والأطفال يشغلون صبياناً لمن يرغبون في إيوائهم وإطعامهم لقاء خدماتهم. وكانت نفقات هذا النظام تؤدي من ضريبة تفرض على أسر الأبرشية. وقد ذكرت لجنة برلمانية في تقرير لها أنه لم يبق على قيد الحياة من جميع الأطفال المولودين من الإصلاحيات، أو الذين استقبلتهم في حداثة سنهم، في الأعوام ١٧٦٣ - ٦٥، إلا سبعة في المائة في ١٧٦٦ (٧). حقاً لقد كان قرناً قاسياً.

ب - الصناعة

عطل البيت الريفي المكتفي بذاته تخصص العمل والثورة الصناعية