للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يوم) لم تتجاوز إلا في ١٨٧٧ (١١). وكان العمال أنفسهم يثبطون المخترعات، وإن كانوا في كثير من الأحيان مصدرها، خشية أن تهددهم بالتعطل التكنولوجي، وهكذا فرض عداء العمال هجر أول منشرة خشب إنجليزية (١٦٦٣)، ولم تجدد المحاولة بنجاح إلا سنة ١٧٦٧. وزادت الطرق الرديئة من تعطيل الاختراع الصناعي، ولم يكن هناك كبير حافز على زيادة الإنتاج ما دامت صعوبات النقل تفوق توسيع السوق. على أن النقل البحري كان آخذاً في التحسن، وكانت المستعمرات، التي غلبتها الزراعة، تتهافت على طلب المنتجات المصنوعة، هنا وجد حافز متزايد على الاختراع. وقد أعان عليه دافع الربح، ومنح البرلمان حقوق امتياز تمتد أربع عشرة سنة. وجاء حافز آخر من المنافسة الأجنبية في تجارة الصادر، فحثت منسوجات الهند، التي أنتجتها عمال مهرة منخفضوا الأجور أصحاب المصانع الإنجليز على الاقتصاد في الإنتاج باستعمال الأجهزة المكنية المحسنة. فصناعة النسيج إذن هي التي افتتح الاختراع في ميدانها ذلك التغيير العظيم.

كان "المكوك الطائر" الذي ابتكره جون كي (١٧٣٣) أول اختراع بارز في إنتاج المنسوجات، ولنا أن نعتبر هذا التاريخ بداية للثورة الصناعية فمن قبله كان عرض القماش المراد نسجه محدوداً بطول ذراعي النساج باستثناءات صغيرة- إذ كان عليه أن يقذف بالمكوك (وهو الأداة التي تمرر خيوط اللحام خلال خيوط السدى) من أحد جانبي النول بيد، ويلقفه باليد الأخرى في الجانب المقابل. ورتب كي جهازاً من العجلات، والمطارق، والعصي، يتيح لدقة حادة باليد أن تجعل المكوك يمرق من أحد الجانبين إلى وقفة أوتوماتيكية عند أي عرض محدد سلفاً، مما ينجم عنه وفر كبير في الوقت. فلما حاول تركيب اختراعه في مصنع بكولتشستر اتهمه النساجون بأنه يحاول حرمانهم من قوتهم القومي. ففر غلى ليدز (١٧٣٨) وعرض اختراعه المسجل على أصحاب مصانع القماش لقاء رسم، فأخذوا اختراعه، ولكنهم قبضوا عنه إتاوته، فرفع أمره إلى القضاء، واستنزفت مصاريف التقاضي كل ماله. فذهب إلى وطنه في بري، ولكن الأهالي هاجوا عليه هناك (١٧٥٣)، ونهبوا بيته، وهددوه بالقتل. غير أن امرأة رحبت بآلته في حماسة وصاحت قائلة بلهجتها العامية "حسناً، حسناً،