أرباح شركة الهند الشرقية من شراء السلع رخيصة في الهند، وبيعها غالية في أوربا، حداً أتاح لها أن تغري بالانضمام إلى مساهميها خمسة عشر دوقاً أو ايرلاً، واثنتي عشرة كونتيسة، واثنين وثمانين فارساً، وستة وعشرين قساً وطبيباً (٢٤). ولم تنظر الطبقة الأرستقراطية في إنجلترا إلى التجارة نظرة استعلاء والازدراء كما فعلت في فرنسا، ولكنها ساعدت على تمويلها وشاركت في رخائها. وقد أبهج رجلاً من الطبقة الوسطى كفولتير أن يجد نبلاء الإنجليز يهتمون اهتماماً نشيطاً بالتجارة. قال موجهاً حديثه إلى فرنسا في ١٧٣٤ "أن لولع الإنجليز بالتجارة وحده الفضل في أن بزت لندن باريس حجماً وسكاناً، وفي أن إنجلترا استطاعت أن تملك مائتي بارجة وتعين بالمال الملوك من حلفائها (٢٥) ".
وأصبح كبار التجار ينافسون الأرستقراطية القديمة المالكة للأرض ثراءً وسلطاناً، فيقررون العلاقات مع الدول الأجنبية، ويثيرون ويمولون الحروب في سبيل الأسواق والموارد والطرق التجارية. وسيطر القائمون على التجارة الإنجليزية في السكر، والتبغ، والعبيد، على حياة برستول، وحكم أصحاب السفن لفربول، وساد أصحاب مناجم الفحم على نيوكاسل. وكانت ثروة السير جوسيا تشايلد التاجر صاحب ٥٠. ٠٠٠ سهم في شركة الهند الشرقية، تعدل ثروة الكثير من اللوردات وحدائقه في وانستد من أشهر مشاهد إنجلترا. كتب هيوم في ١٧٤٨ يقول "في معظم أقطار أوربا ترى أملاك الأسرة- أي الأملاك الوراثية- التي تميزها الألقاب والشارات التي يخلعها عليها الملك، هي أهم أسباب التمايز. أما في إنجلترا فإن الاعتبار الأكبر للثراء الراهن (٢٦) ". وحدث قدر كبير من التبادل والامتزاج بين الطبقتين العليا والوسطى، فتزوجت بنات التجار الأغنياء بأبناء النبلاء ملاك الأرض، واشترى أبناء التجار ضياعاً من الأرستقراطيين الذين افتقروا ودخل عليه القوم ميادين التجارة والقضاء والإدارة. لقد كانت الأرستقراطية تتحول إلى بلوتوقراطية (أي حكومة الأغنياء)، والمال يحل محل النسب سبيلاً شرعياً إلى السلطان.
والمال
كان المصرفيون الأوربيون الآن يؤدون جميع الخدمات المالية