للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ما يحب وما يكره خاضعين للسنن والقواعد تبدلت طبيعته إلى طبيعة الأشياء التي تعرض له" (١) "والرجل الأعلى يتحرك بحيث تكون حركاته في جميع الأجيال طريقاً عاماً؛ ويكون سلوكه بحيث تتخذه جميع الأجيال قانوناً عاماً، ويتكلم بحيث تكون ألفاظه في جميع الأجيال مقاييس عامة لقيم الألفاظ" (٢) وهو يستمسك أشد الاستمساك بالقاعدة الذهبية التي نص عليها هنا صراحة قبل هِلِل بأربعة قرون وقبل المسيح بخمسة: "فقد سأل جونج- جونج المعلم عن الفضيلة الكاملة فكان جوابه .. الفضيلة الكاملة ألا تفعل بغيرك ما لا تحب أن يفعل بك" (١٢٢). وهذا المبدأ يتكرر مراراً وهو دائماً يتكرر في صيغة النفي، وقد ذكر مرة في كلمة واحدة. ذلك أن تزه- جونج سأله مرة: أليس ثمة كلمة واحدة يستطيع الإنسان أن يتخذها قاعدة يسير عليها طوال حياته؟ فأجابه المعلم: أليست هذه الكلمة هي المبادلة؟ " (١٢٣)، ولكنه لم يكن يرغب فيما يرغب فيه لوَ دْزَه وهو أن يقابل الشر بالخير، فلما أن سأله أحد تلاميذه: "ما قولك في المبدأ القائل بأن الإساءة يجب أن تجزى بالإحسان؟ " أجاب بحدة لم يألفها تلاميذه منه: "وبأي شيء إذن تجزي الإحسان؟ لتكن العدالة جزاء الإساءة، وليكن الإحسان جزاء الإحسان" (١٢٤).

وكان يرى أن القاعدة الأساسية التي تقوم عليها أخلاق الرجل الأعلى هي العطف الفياض على الناس جميعاً. والرجل الأعلى لا يغضبه أن يسمو غيره من الناس، فإذا رأى أفاضل الناس فكر في أن يكون مثلهم؛ وإذا رأى سفلة الناس عاد إلى نفسه يتقصى حقيقة أمره" (١٢٤ أ)؟ ذلك أنه قلما توجد أخطاء لا نشترك


(١) قارن هذا بما يقوله أسبينوزا: "إن عوامل خارجة عنا تدفعنا إلى طرق كثيرة مختلفة، فنترنح ونضطرب اضطراب الأمواج تدفعها الرياح المختلفة المهاب، ولا نعرف مصيرنا أو عاقبة أمرنا".
(٢) قارن هذا بقانون الأخلاق "القاطع الإلزامي" الذي يقول به كانت وهو "لتكن إرادتك بحيث يمكن أن تكون القاعدة التي تسير عليها في أعمالك قانوناًً عاماًً شاملاًً".